قاطعية الالتفات في الأثناء كما تقدم سابقاً (١) إلا أنّها تدلّ على اعتبار الاستقبال فيما كان الالتفات قاطعاً كالفريضة بلا إشكال ، ونحوها غيرها مما لا يخفى.
وأما غير فرض العلم والعمد من بقية الصور فقد أطلق في المتن القول بالصحة في جميعها إذا كان الانحراف إلى ما بين اليمين واليسار تبعاً للمشهور.
والظاهر أنّ المستند في ذلك صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام « قال : لا صلاة إلا إلى القبلة ، قال قلت : أين حدّ القبلة؟ قال : ما بين المشرق والمغرب قبلة كلّه » (٢). دلّت على أنّ القبلة المعتبرة في الصلاة إنّما هي ما بين المشرق والمغرب على الإطلاق ، خرج عنها صورة العلم والعمد ، لاعتبار استقبال الكعبة حينئذ بالإجماع والنص فيبقى الباقي تحت الإطلاق.
لكن الصحيحة غير صالحة للاستدلال ، لمعارضتها بصحيحة زرارة الأُخرى المتقدمة آنفاً (٣) الدالة على لزوم استقبال المسجد الحرام ، الشاملة بإطلاقها لصورتي العلم والجهل وغيرهما ، بل يبعد اختصاصها بصورة العلم والعمد في حدّ نفسه ، إذ مع فرض العلم لا حاجة إلى الأمر باستقبال القبلة بالوجه وعدم تقليب الوجه عنها والحكم بالفساد المستلزم للإعادة ، لوضوح أنّ العالم لا يتعمد ذلك ، وأنّه لو تعمد فالإعادة واجبة عليه ، فلا حاجة إلى التنبيه ، وإنّما يصح ذلك لو كان الإمام عليهالسلام بصدد اعتبار الاستقبال على الإطلاق والإرشاد إلى اشتراط الصلاة به ، فينبّه عليهالسلام حينئذ إلى البطلان في فرض الإخلال وإن كان عن جهل ونحوه.
وكيف كان ، فالصحيحتان ساقطتان بالمعارضة لو لم نقل بأنّ الترجيح مع الثانية الدالّة على اعتبار استقبال المسجد الحرام لموافقتها مع الكتاب كما لا يخفى ، فتدلّ على خلاف المطلوب. وعلى أي حال فالصحيحة الاولى لا تصلح
__________________
(١) في ص ١٩.
(٢) الوسائل ٤ : ٣١٤ / أبواب القبلة ب ١٠ ح ٢.
(٣) في ص ٣٨.