اللبس التكويني ، أي ما يختاره أهل الجنة ويلبسونه باختيارهم وإرادتهم وليس كذلك ، بل المراد اللبس التشريعي الذي خصّه الله بأهل الجنة ، وحرّمه على الرجال في الدنيا.
وحاصل المعنى : المنع عن لبس الرجال للذهب في حال الصلاة وغيرها لأنّ الله تعالى حرّمه عليهم في هذه الحياة الدنيا ، وخصّه تشريعاً بأهل الجنة في الآخرة فلا يجوز مخالفة المولى سبحانه في هذا التشريع.
ثانيهما : اشتمال صدر الموثّق على ما يمنع ظهوره في التحريم ، حيث ذكر قبل هذه الفقرة هكذا : « في الرجل يصلّي وعليه خاتم حديد ، قال : لا ، ولا يتختّم به الرجل ، فإنّه من لباس أهل النار » (١) فانّ التختّم بالحديد غير محرّم قطعاً بل غايته الكراهة ، فيكشف بمقتضى وحدة السياق أنّ الحكم في جميع فقرأت الموثّق مبني على الكراهة.
وفيه : أنّ النهي ظاهر في التحريم ، كالأمر في الوجوب ما لم يقترن بالترخيص في الفعل أو الترك كما تقرّر في الأُصول (٢) وقد ثبت الترخيص في الفعل بالنسبة إلى الحديد بالنصوص العديدة فيحمل على الكراهة ، ولم يثبت ذلك بالنسبة إلى الذهب كما عرفت فلا بدّ من الأخذ بظاهر النهي. وقرينية السياق لم نتعقّلها بعد ما هو المشاهد من اشتمال غير واحد من الأخبار على الجمع بين المحرّمات والمكروهات بلسان واحد ، كالجمع بين الواجبات والمستحبات ، والمتّبع هو الدليل في كلّ مورد بالخصوص.
وأمّا المقام الثاني : فالمشهور بطلان الصلاة الواقعة في الذهب للرجال ، بل لم ينسب الخلاف إلا إلى المحقق قدسسره في المعتبر (٣) حيث تردّد فيه لأجل
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٤١٨ / أبواب لباس المصلي ب ٣٢ ح ٥.
(٢) محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ١٣١ [ لكن ذكر ذلك في مبحث صيغة الأمر ].
(٣) المعتبر ٢ : ٩٢.