وبالجملة : هذه الموثقة قد دلّت على أنّ العورة في مطلق المرأة عبارة عما بين السرة والركبة ، وبعد ضمّها إلى ما دلّ على المنع عن النظر إلى عورة المحرم ينتج عدم جواز النظر إلى ما بين السرة والركبة من المرأة المحرم.
وهذه الرواية موثقة كما عرفت ، ورميها بالضعف كما عن الهمداني (١) وغيره من جهة أنّ الحسين بن علوان عامي لم يوثّق في غير محله كما مرّ غير مرة ، لتوثيق النجاشي إياه على ما هو ظاهر عبارته حيث قال : « الحسين بن علوان الكلبي مولاهم كوفي عامي ، وأخوه الحسن يكنّى أبا محمد ثقة .. » إلخ (٢). فإنّ الظاهر أنّ التوثيق عائد إلى الحسين ، المصدّر به الكلام الذي له كتاب ، دون الحسن الذي لا كتاب له كما صرّح به في ذيل العبارة ولذا لم يعنونه مستقلا ، لعدم تعرضه لغير من له كتاب. وقد صرّح ابن عقدة بأنّ الحسن كان أوثق من أخيه ، وأحمدَ عند أصحابنا (٣). فإنّ التعبير بأفعل التفضيل يدلّ على اشتراكهما في الوثاقة والحمد ، غير أنّ الحسن أوثق وأحمد.
وبالجملة : فلو كنّا نحن وهذه الموثقة كان اللازم الجزم بعدم جواز نظر الرجل إلى ما بين السرّة والركبة من محارمه ، لقوتها سنداً ، وكذا دلالة ، بالتقريب المتقدم ، إلا أنّ القول به حيث لم ينقل عن أحد من الأصحاب ، بل لعلّ التسالم منهم على خلافه ، لم يسعنا الإفتاء به صريحاً ، بل اللازم هو الاحتياط الوجوبي في المقام كما صنعه في المتن.
وأما عكس ذلك ـ أعني نظر المرأة إلى ما بين السرة والركبة من الرجل المحرم لها أو نظر الرجل إلى مثله فيما بين ذلك فالظاهر هو الجواز ، لعدم الدليل على المنع ، والتحديد في الموثّق قاصر الشمول للمقام ، فانّ قوله عليهالسلام : « والعورة ما بين السرّة .. » إلخ لا إطلاق له بحيث يشمل الرجل أيضاً كي يكون تفسيراً لطبيعة العورة على الإطلاق ، بل المراد بقرينة ما قبله خصوص عورة
__________________
(١) مصباح الفقيه ( الصلاة ) : ١٥٣ السطر ٢٨.
(٢) رجال النجاشي : ٥٢ / ١١٦.
(٣) حكاه عنه في الخلاصة : ٣٣٨ / ١٣٣٧.