النساء السابق ذكرها متصلاً بهذه الجملة ، لما هو المقرر في محلّه من أن المعرّف المكرر لا يراد بالثاني [ منه ] إلا الأوّل (١).
نعم ، ربما يستفاد المنع من روايتين :
إحداهما : ما رواه الصدوق في الخصال بإسناده عن علي عليهالسلام في حديث الأربعمائة « قال : إذا تعرّى أحدكم الرجل نظر إليه الشيطان فطمع فيه فاستتروا ، ليس للرجل أن يكشف ثيابه عن فخذيه ويجلس بين قوم » (٢).
وهذه الرواية وإن كانت معتبرة السند ، إذ ليس في الطريق من يتنظر فيه عدا القاسم بن يحيى والحسن بن راشد لكنهما موجودان في طريق كامل الزيارات. وتضعيف ابن الغضائري للحسن لا يعبأ به ، لعدم الاعتماد على توثيقاته وتضعيفاته.
لكنّها قاصرة الدلالة ، لاشتمال هذا الحديث بطوله على غير واحد من الآداب من السنن والمكروهات ، بل إنّ أكثره كذلك ، فمن القريب جدّاً أن يكون الحكم في هذه الفقرة أيضاً مبنيّاً على الآداب والأخلاق دون الإلزام الشرعي ، كما يؤيده تخصيص المنع بحال الجلوس بين القوم ، فإنّه لو كان محرّماً شرعاً لما كان التحريم مختصاً بهذه الحال كما لا يخفى.
فالمناسب جدّاً إرادة التنزيه ومراعاة الأدب تحفظاً على كرامة الرجل ووقاره ولئلا تعرضه الخفة والمهانة من كشف الفخذ عند القوم.
الثانية : رواية بشير النبّال ، قال : « سألت أبا جعفر عليهالسلام عن الحمام فقال : تريد الحمام؟ قلت : نعم ، فأمر بإسخان الماء ثم دخل فاتزر بإزار فغطى ركبتيه وسرته إلى أن قال ثم قال : هكذا فافعل » (٣) فانّ ظاهر الأمر هو الوجوب.
__________________
(١) الإتقان في علوم القرآن ٢ : ٣٥١.
(٢) الوسائل ٥ : ٢٣ / أبواب أحكام الملابس ب ١٠ ح ٣ ، الخصال : ٦٣٠.
(٣) الوسائل ٢ : ٣٥ / أبواب آداب الحمام ب ٥ ح ١.