أساس لها بنطاقها العام ، بل ينبغي التفصيل على النهج الذي سبق من اختصاصها بموضوع دخيل في اتصاف الفعل بالمصلحة أو المفسدة ، ولا تعمّ ما يكون من مبادئ تحقق ما هو متصف بأحدهما حسبما عرفت ، وأنّ الوجه الصحيح للرجوع إلى البراءة هو ما ذكرناه فلاحظ.
وأمّا القسم السادس : وهو ما إذا كان العموم المفروض في جانب الموضوع مجموعياً ، فقد ظهر مما سبق أنّه لدى الشك في الانطباق يندرج المقام في كبرى الدوران بين الأقل والأكثر الارتباطيين ، للشك في جزئية الفرد المشكوك للمأمور به أو للمنهي عنه ، وحينئذ فان كان التكليف إيجابياً يقتصر على الأفراد المتيقّن دخلها في المجموع ، ويرجع في الفرد المشكوك إلى أصالة البراءة.
وإن كان تحريمياً فلا جزم بالحرمة إلا لدى اجتماع تمام ما يحتمل دخله في الهيئة الاجتماعية ، فيرجع فيما عدا الفرد المشكوك فضلاً عنه بنفسه منعزلاً عن غيره إلى أصالة البراءة ، للشك في ثبوت النهي في كلّ من الصورتين ، إلا إذا رجع النهي المزبور إلى الأمر بالتروك ، بحيث كان التكليف منبعثاً عن مصلحة في اجتماع التروك ، لا عن مفسدة في انضمام الأفعال ، فإنّه يجري حينئذ ما عرفته في التكليف الإيجابي من الاقتصار على المقدار المتيقّن من التروك ويرجع فيما عداه إلى أصالة البراءة.
ثم إنّ الأقسام الستة المزبورة للشبهات الموضوعية كما أنّها تجري في الأحكام النفسية تجري في الأحكام الضمنية أيضاً بمناط واحد ، فاذا شك في جزء أو شرط مأخوذ على سبيل صرف الوجود لا بدّ من إحرازه بقاعدة الاشتغال ، وإذا كان ملحوظاً على سبيل العموم الاستغراقي أو المجموعي في الحكم الوجوبي أو التحريمي كان من الأقل والأكثر الاستقلالي أو الارتباطي ومعه لا بدّ من إحراز انطباق المتعلّق في الحكم بفعلية (١) التكليف ، ومع الشك فيه يرجع إلى أصالة البراءة حسب التفصيل الذي عرفت ، فلاحظ ولا نعيد.
__________________
(١) [ لعل المناسب : بتنجز ].