وإن بنينا هناك على الجواز وضعاً ، أخذاً بموثقة الحلبي كما عرفت فالظاهر جواز اللبس نفساً أيضاً ، إذ نفي البأس عن الصلاة فيما لا تتم كما تضمّنه الموثّق يدلّ بالدلالة الالتزامية العرفية على الترخيص في اللبس في حدّ نفسه إذ حمله على مجرد الجواز الوضعي مع المنع النفسي خلاف المتفاهم العرفي من موثّق الحلبي كما لا يخفى ، فكما يقيّد به إطلاق دليل المانعية يقيّد إطلاق دليل الحرمة بملاك واحد.
الجهة الثالثة : أنّه يستثني من حرمة اللبس مضافاً إلى حال الحرب كما مرّ حال الضرورة من برد أو مرض أو خوف ونحوها.
واستدلّ له في الوسائل تارة بحديث الرفع بالنسبة إلى الاضطرار ، وهو وجيه. وأُخرى بقولهم عليهمالسلام : « ليس شيء ممّا حرّم الله إلا وقد أحلّه لمن اضطرّ إليه » المذكور في باب اليمين ، وهو ايضاً متين. وثالثة بقولهم عليهمالسلام : « كلّ ما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر » (١) ، وقد تبعه في هذا الاستدلال غيره.
لكنّه في غير محلّه ، لخروجه عن محلّ الكلام ، إذ المراد بالاضطرار المبحوث عنه في المقام ما لم يبلغ حدّا يسلب معه الاختيار ويخرج الفعل عن القدرة ، وإلا فلا حاجة إلى الاستدلال حتّى بمثل حديث الرفع ، لاستقلال العقل حينئذ بقبح خطاب العاجز ، وامتناع التكليف بما لا يطاق.
فمحلّ الكلام ما إذا كان لبس الحرير مع كونه مقدوراً ومتعلّقاً للاختيار فعلاً وتركاً مضطراً إليه لضرورة دعته إليه ، من برد أو مرض ونحوهما في قبال الإكراه. ولا ريب أنّ الرواية ناظرة إلى الفرض السابق ، أعني الخروج عن القدرة والاختيار ، وأنّ الشيء مغلوب لإرادة الله تعالى ، وقدرة العبد مقهورة لقدرته ، كما في صاحب السلس الخارج منه البول بلا إرادة منه ، الذي هو مورد
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٣٧٣ / أبواب لباس المصلي ب ١٢ ح ٦ ، ٧ ، ٨.