الأزلية ، فإنّ موضوع الحكم أو متعلّقه إذا كان مركّباً من جزأين متباينين بأن لم يكونا من العرض ومحلّه وقد أُحرز أحدهما وشك في الآخر بعد أن كان محرزاً سابقاً جرى استصحابه ، والتأم الجزءان بضم الأصل إلى الوجدان ، وهذا واضح.
وأمّا لو تركّب من العرض ومحلّه فان كان الأثر مترتباً على الوجود جرى استصحاب العدم لنفيه ، وأما إذا كان مترتباً على العدم فان كان ناعتاً لا يجري استصحاب العدم لإثبات النعتية والاتصاف ، لعدم حجية الأُصول المثبتة ، إلا إذا كان الاتصاف بنفسه ذا حالة سابقة فيستصحب.
وإن كان محمولياً كما لو دلّ دليل على إخراج الفاسق عن موضوع وجوب إكرام كلّ عالم ، أو إخراج القرشية عن عموم كلّ امرأة تحيض إلى خمسين حيث إن الباقي بعد التقييد هو العالم غير المتصف بالفسق ، أو المرأة غير القرشية ، لا المتصف بعدم الفسق أو المتصفة بعدم كونها قرشية ، ضرورة أنّ نتيجة التقييد المزبور ليس إلا اعتبار نفس العدم في الموضوع ، لا الاتصاف ورعاية النسبة بينه وبين الذات ، فإنّه يحتاج إلى عناية خاصة ومئونة زائدة لا يصار إليها من غير قرينة. فحينئذ لا مانع من جريان الأصل ، فإنّه بعد العلم بتحقق ذات المرأة والشك في تحقق الاتصاف بالقرشية كان مقتضى استصحاب العدم الأزلي عدم الاتصاف وعدم انتسابها إلى قريش ، وبعد ضمّه إلى وجود الذات المحرز بالوجدان يثبت الموضوع المركّب ويحكم عليها بعدم التحيّض.
وهكذا الحال في المقام ، فانّ الموضوع لجواز الصلاة بعد البناء على مانعية غير المأكول كما هو المستفاد من الأدلّة حسبما سبق (١) هو ما لم يؤخذ من غير المأكول ، لا المتصف بعدم كونه (٢) مأخوذاً من غير المأكول ، فيتمسك في إحراز هذا العدم المحمولي باستصحاب العدم الأزلي ويحكم بجواز الصلاة فيه.
__________________
(١) في ص ٢١٨.
(٢) [ الموجود في الأصل : بكونه. والصحيح ما أثبتناه ].