بالطرفين لكن عدمها يتحقق ولو لعدمهما. إذن فلا يكون نقيض الوجود هو العدم في تلك المرتبة ، بل مطلقاً حتى السابق عليها. ولعمري إنّ هذا من الوضوح بمكان ، ولا حاجة معه إلى إقامة البرهان.
وأمّا ما ذكره من أنّ الماهية المقيّدة بالوجود غير قابلة للاتصاف بالعدم ، وإنّما المتصف به هو الماهية المعرّاة من كل من الوجود والعدم ، ففيه من الخلط ما لا يخفى.
فإنّه قدسسره إن أراد من الاتصاف اللحوق والعروض صحّ ما ذكره ، إذ من المعلوم أنّ الوجود لا يعرضه الوجود ، والشيء لا يلحق نفسه ، كما لا يلحقه العدم ، لأنّه نقيضه ، والنقيض لا يلحق نقيضه ، فالماهية المقيّدة بالوجود لا يعرضها الوجود ولا العدم ، بل الماهية بنفسها تتصف بالوجود ، بمعنى عروضه عليها وكون الخارج ظرفاً لوجودها.
وإن أراد من الاتصاف ما ينتج الحمل وإن تجرّد عن العروض فلا يتم ما ذكره ، بداهة أنّ حمل الوجود على الوجود أوّلي ، وعلى الماهية تبعي ، فهو متصف بالموجودية اتصافاً ذاتياً ، كما في صفاته تعالى ، بمعنى تحقق نفسه في الأعيان وكون الخارج ظرفاً له. إذن فعدمه بعدم نفس الذات ، لا بعروض العدم له مع المحافظة على ذاته ليلزم اجتماع النقيضين.
وبالجملة : كما يتصف وجود زيد بالموجودية يتصف بالمعدومية أيضاً ، وإلا لكان كلّ وجود قديماً ، بل واجباً لذاته ، وهو كما ترى.
ومنه يظهر حال الماهيّة المقيّدة بالوجود ، فإنّها أيضاً تتصف بكلّ من الوجود والعدم بالمعنى الذي عرفت. ولعلّ الخلط بين نحوي الاتصاف أوجب الوقوع في الاشتباه.
فتحصّل : أنّ ما أفاده قدسسره لا يرجع إلى محصّل ، بل الصحيح ما عرفت من التفصيل بين أخذ [ عدم ] العرض محمولاً أو ناعتاً ، فيجري الاستصحاب على الأول دون الثاني.
إذا عرفت هذه المقدمات يتضح لك جلياً جريان الاستصحاب في الأعدام