عن القسمين المتقدمين.
وحينئذ فان كان التكليف وجوبياً كالصلاة المقيّدة بالساتر فكما أنّ المولى يأمر بإيجاد الفعل ينبغي له أن يأمر بإيجاد موضوعه أيضاً بمناط واحد ، وهو الدخل في تحصيل المصلحة ، فكما أنّ وجودها في الصلاة يدعوه للأمر بها فكذلك تأثير الساتر في تحقيقها يدعوه للأمر به أيضاً بتوجيه الأمر إلى القيد والمقيّد ، فيجب على المكلّف تحصيله ولو بالنسج بعد كونه قادراً على إيجاد الواجب بذاته وقيده كما هو المفروض.
وإن كان تحريمياً والمفروض دخل الموضوع في فعليّة المفسدة وتحققها لا في اتصاف الفعل بها فلا محالة يكون النهي فعلياً حتى قبل وجود الموضوع ويكون امتثاله إمّا بعدم إيجاده في الخارج أو بعدم استعماله على تقدير الإيجاد فانّ مفسدة شرب الخمر مثلاً لا تتوقف على وجوده خارجاً ، بل هو متّصف بها قبل الوجود أيضاً ، ومنهيّ عنه باعتبار القدرة على شربه بالقدرة على مقدمته وهي صنعه.
ومن ثمّ لو علم المكلّف من حاله أنّه لو صنعه لغاية من الغايات لشربه حرم عليه صنعه ، لا لأجل الدليل الخاص ، بل لنفس دليل حرمة الشرب ، لما عرفت من فعليّة النهي. فلا تكون فعلية الحكم في هذا القسم منوطاً بفعلية الموضوع.
وبالجملة : اشتمال شرب الخمر على المفسدة الفعلية المستتبعة للنهي الفعلي يستوجب الانزجار عنه من غير إناطة بوجود الموضوع ، وهو يحصل بأحد النحوين ، إمّا بعدم صنعة أو بعدم شربه بعد صنعه كما عرفت ، فلا مانع من فعليّة الحكم قبل وجود الموضوع في هذا القسم ، وبذلك يفصل بينه وبين القسمين السابقين. إذن فلا يستقيم ما أفاده المحقق النائيني قدسسره على إطلاقه.
فتحصّل : أنّ الكبرى التي أفادها قدسسره من أنّ الشك في وجود الموضوع يرجع إلى الشك في تحقق شرط التكليف ، ومن ثمّ يرجع إلى البراءة لا