الاختيار ، وإنّما المعقول توجيه الطلب نحو العمل على تقدير وجوده ، فلا جرم يكون شرطاً في تعلّق الحكم ، فاذا شك في وجوده فقد شك في أصل التكليف المشروط به ، فتجري البراءة عنه ، وهذا واضح.
وأُخرى يكون تحت اختياره كالعقد المأخوذ موضوعاً لوجوب الوفاء به والخمر المجعول موضوعاً لحرمة شربه ، وهذا على قسمين :
إذ تارة يكون ذلك الفعل الاختياري دخيلاً في اتصاف الفعل بكونه ذا مصلحة أو ذا مفسدة بحيث لولاه لم يكن مقتض للصلاح ولا للفساد ، ونظيره في التكوينيات العطش بالنسبة إلى شرب الماء ، أو المرض بالنسبة إلى شرب الدواء أو استعمال الحامض ، فإنّه لولا العطش لم يكن أي مقتضٍ لشرب الماء كما أنّه لولا المرض لم تكن مصلحة في شرب الدواء ولا مفسدة في تناول الحامض. وفي التشريعيات العقود على الإطلاق بالنسبة إلى وجوب الوفاء والتزويج بالنسبة إلى وجوب الإنفاق ، والسفر بالنسبة إلى القصر ، والاستطاعة بالنسبة إلى وجوب الحج ، وهكذا.
وتارة اخرى يكون دخيلاً في تحقق المصلحة والمفسدة لا في الاتصاف بهما نظير اشتراط شرب الدواء بوقوعه بعد الأكل ، حيث يكون ذلك شرطاً في تأثير المصلحة وتحققها بعد ثبوت أصل الاتصاف.
أمّا القسم الأوّل : فهو ملحق بالقسم السابق في لزوم كونه مفروض الوجود لدى تعلّق الحكم ، من غير أن يتوجّه طلب إليه بوجه ، فلا يلزم إيقاع العقد ولا التزويج ولا السفر ولا تحصيل الاستطاعة ، وإنّما المصلحة في ترتيب الآثار على تقدير تحقق هذه الأُمور ، من غير أيّ مقتضٍ للبعث نحوها. إذن فمع الشك في تحققها يرجع إلى أصالة البراءة عن ترتيب آثارها ، كما كان كذلك في القسم السابق.
وأمّا القسم الثاني : فلم يؤخذ الموضوع هنا مفروض الوجود ، إذ لا مقتضي له بعد عدم الدخل في الاتصاف بالصلاح أو الفساد ، وبذلك يفترق هذا القسم