مورداً للأثر يحكم بجريانه بلحاظ ما يستتبعه من الأثر العملي ، وهو الحكم بنجاسة الملاقي بالكسر وبذلك يخرج التعبّد الشرعي عن اللغوية.
ومقامنا من هذا القبيل ، فانّ الحكم بحلّية لحم الحيوان التالف أو الخارج عن محل الابتلاء وإن لم يكن بنفسه قابلاً للتعبد فلا يكون المجرى مورداً للأثر ، إلا أنّه بلحاظ تضمنه أثراً فعلياً عملياً داخلاً في محلّ الابتلاء وهو جواز الصلاة في الجزء المتخذ منه يصحّ التعبد ، فيشمله عموم دليل الأصل.
ثانيها : ما ذكره المحقق النائيني قدسسره (١) من أنّه على تقدير تسليمه لا يجري فيما لو كان هناك حيوانان متميّزان في الخارج قد علمنا بحرمة لحم أحدهما بعينه وحلّية الآخر وشككنا في أنّ الصوف مثلاً مأخوذ من هذا أو ذاك ، فإنّه لا معنى حينئذ لجريان أصالة الحلّ في الحيوان ، إذ لم يكن شيء من الحيوانين مشكوك اللحم على الفرض كي يجري فيه الأصل ، وإنّما الشك متمحض في أخذ الصوف من هذا أو من ذاك ، والأصل المزبور لا يجدي لدفع هذا النوع من الشك ، لعدم تعلّقه بالحيوان.
نعم ، العنوان الانتزاعي وهو ما أُخذ منه هذا الصوف يشك في حلّيته وحرمته ، إلا أنّه بنفسه لم يكن موضوعاً للأثر ، بل لا وجود له في الخارج ، وإنّما الموجود هذا أو ذاك معيناً ، والمفروض عدم الشك في شيء منهما. فما هو المشكوك لا وجود له ، وما هو الموجود لم يكن مورداً للشك ليجري فيه الأصل.
ويندفع : بأنّ الميزان في جريان الأصل كون المجرى مشكوكاً فعلاً بأيّ عنوان كان مع تعلّق أثر شرعي به داخل في محلّ الابتلاء ، سواء كان معلوم الحكم بعنوانه الأوّلي أم لا ، إذ المدار في شمول أدلّة الأُصول صدق الشك الفعلي كيف ما كان. ومن الواضح أنّ عنوان ما أُخذ منه هذا الصوف الداخل في محلّ الابتلاء له معنون موجود في الخارج يشار إليه بهذا العنوان المشير ، ولا يضر
__________________
(١) رسالة الصلاة في المشكوك : ٣١٦.