فالإنصاف : أنّه لا مقيّد للإطلاق بالنسبة إلى دليل المانعية ، وغاية ما ثبت بدليل الاضطرار جواز اللبس في هذه الحال تكليفاً ، فيقيّد به الإطلاق في دليل الحرمة. وأمّا الإطلاق في دليل المنع فهو سليم عن التقييد ، فيتمسك به ومقتضاه بطلان الصلاة الواقعة في الحرير عند الضرورة وإن جاز اللبس حينئذ.
وأمّا في حال الحرب فقد يستدلّ لصحة الصلاة حينئذ بالانصراف الذي عرفت تقريره مع جوابه.
واستدلّ لها في الجواهر (١) بما حاصله : أنّ الجواز حال الحرب قد ثبت بالنصّ الخاص ، دون الأدلّة العامّة كما في الضرورة من حديث الرفع ونحوه كما عرفت. ومقتضى إطلاق النصّ شمول الجواز لحالتي الصلاة وغيرها ، فيعمّ الجواز التكليفي والوضعي.
والنسبة بينه وبين دليل المانعية كقوله في صحيح ابن عبد الجبار المتقدّم (٢) : « لا تحلّ الصلاة في الحرير المحض » وإن كانت هي العموم من وجه ، لافتراق الأوّل في المحارب غير المصلّي ، وافتراق الثاني في المصلّي غير المحارب ، ويتعارضان في مادّة الاجتماع وهي الصلاة في الحرير حال الحرب ، لكن الترجيح مع الأوّل ، لفهم الأصحاب ومناسبة التخفيف الذي هو الحكمة في الرخصة.
وفيه : أنّ نصّ الجواز حال الحرب خاص بالحكم التكليفي ، ولا نظر فيه إلى الجواز الوضعي بوجه ، فهو وإن كان بإطلاقه شاملاً لحالتي الصلاة وغيرها لكن النظر فيه مقصور على الحلّية التكليفية قبال الحرمة النفسية ، وأنّ لبس الحرير لا يكون حراماً على المحارب في الحالتين. وأمّا الجواز الوضعي وأنّه لا يكون مانعاً عن صحة الصلاة فلا نظر في النصّ إليه بوجه حتى يعارض به
__________________
(١) الجواهر ٨ : ١١٩.
(٢) في ص ٣٢٧.