إثبات واحد منهما ، إمّا لتصادم الظهورين في صدر الموثّق وذيله كما ذكره الأُستاذ قدسسره (١) أو لجهة أُخرى ، فشككنا في أنّ المجعول الشرعي هل هو اعتبار الشرطية أو المانعية. وبالنتيجة تردّد أمر فساد الصلاة الواقعة في غير المأكول بين كونه من جهة وجود المانع أو فقدان الشرط فماذا يقتضيه الأصل العملي حينئذ؟ وهل الأصل الجاري في المقام هو البراءة كي توافق نتيجته المانعية ، أم الاشتغال كي تفيد فائدة الاشتراط.
ذهب المحقق النائيني قدسسره (٢) إلى الأول ، بدعوى أنّ اعتبار الشرطية يتضمن كلفة زائدة ، وهي لزوم إحراز الشرط عند الامتثال وعدم جواز الرجوع إلى البراءة ، بخلاف المانعية العارية عن هذه الكلفة ، فحيث إنّ أحد الجعلين يتضمن ضيقاً لا يقتضيه الآخر وهو مشكوك فيدفع بأصالة البراءة. فبحسب النتيجة يعامل مع المشكوك معاملة المانعية كما لو كانت محرزة.
لكن المناقشة فيما أفاده قدسسره واضحة جدّاً ، ضرورة أنّ نفس المانعية والشرطية المجعولين لو لوحظ كل واحد منهما بحياله فهو بنفسه يتضمّن الكلفة والضيق لا محالة ، إذ اعتبار كلّ منهما قيد مأخوذ في المأمور به وجوداً أو عدماً ، والتقييد خلاف الإطلاق المتضمن للتوسعة والتسهيل ، فلا يختص التضيق في مقام الجعل والتشريع بأحدهما دون الآخر ، بل هما من هذه الجهة على حدّ سواء ، وعليه فلو لوحظ الشك في كلّ واحد منهما مستقلا مع قطع النظر عن الآخر فهو مورد للأصل.
وأمّا بعد العلم الإجمالي بصدور واحد منهما كما هو المفروض في المقام فالأصل في كلّ منهما معارض بالآخر ، إذ هما اعتباران متقابلان وضدان متباينان ، وليس في البين قدر متيقن يقطع به في مقام الجعل والتشريع كي يشك في الزائد على المقدار المعلوم حتى يدفع بالأصل ، كما هو الحال في الأقل والأكثر
__________________
(١) رسالة الصلاة في المشكوك : ١٥٠.
(٢) [ لم نعثر عليه في مظان وجوده ].