وجوده ، إلا أنّ كيفية دخل هذه الثلاثة مختلفة.
أمّا المقتضي فدخالته باعتبار أنّه هو الذي منه يترشح الأثر ، ومنه يتولّد المعلول ، كالنار بالإضافة إلى الإحراق.
وأمّا الشرط كالمحاذاة في هذا المثال فليس شأنه الترشح والتوليد ضرورة أنّ الإحراق إنّما ينشأ ويترشح من ذات النار ، وأمّا المماسة والمحاذاة فهي أجنبية عن الرشح بالكلّية. فدخالتها في التأثير وعدّ الشرط من أجزاء العلّة إنّما هو باعتبار كونه دخيلاً في فعلية الأثر الناشئ عن المقتضي ، لنقص في الفاعل أو في المحلّ ، فيكون متمماً لفاعلية الفاعل أو لقابلية القابل. وعلى أي تقدير فالشرط بنفسه بمعزل عن الفاعلية والتأثير ، وأجنبي عن الإفاضة والترشيح ، بل إنّ هذه من صفات المقتضي فقط كما عرفت. فليس كيفية الدخل فيهما على حدّ سواء ومن سنخ واحد.
وأمّا المانع الذي يعدّ عدمه من أجزاء العلّة فكيفية الدخل فيه تباين المقتضي والشرط ، فلا هو منشأ للرشح ولا أنّه متمّم للنقص ، كيف وهو أمر عدمي ، ولا يعقل ترشح الوجود من العدم ، أو دخله في تحقق الأثر بالضرورة ، فليست دخالته إلا باعتبار مزاحمة المانع بوجوده عن تأثير المقتضي وصدّه عن ترتب المقتضى بالفتح عليه. فلأجل التدافع والتمانع الحاصل بين وجودين المقتضي والمانع ، حيث إنّ أحدهما يقتضي شيئاً والآخر يضاده ويزاحمه ويقتضي خلافه اعتبر عدمه في فعلية الأثر وترتّب المعلول. ولو لا هذه المزاحمة لما كاد يعقل أن يكون عدم شيء من أجزاء علّة شيء آخر.
وبالجملة : لا بدّ في صدق المانعية على شيء من اتصاف وجوده بكونه مزاحماً فعلياً مع المقتضي المفروض وجوده وكافّاً له عن التأثير ، بحيث لولاه لترتب الأثر عليه بالفعل ، حتى يكون عدمه من أجزاء العلّة بالمعنى الذي عرفت ، أي يكون المزاحم منتفياً حتى يؤثر المقتضي أثره.
ومما ذكرناه تعرف أنّ بين أجزاء العلة المقتضي ، الشرط وعدم المانع نوعاً من الترتب والطولية ، بمعنى أنّه عند اجتماعها المستلزم لوجود المعلول