ذهب شيخنا الأُستاذ قدسسره (١) إلى الثاني ، ولا نعرف له وجهاً ، فانّ قبول العنوان للزوال وعدمه أجنبي عن الصدق المزبور الذي هو المناط في شمول الإطلاق ، فإنّه إمّا أن يقتصر على العنوان الذاتي بدعوى قصور الأدلّة عن الشمول للعرضي فينبغي أن لا يتعدى حتى إلى العارضي غير القابل للزوال ، مع أنّه قدسسره سلّم التعدي إليه ، واعترف بشمول الأدلّة له.
وإمّا أن يتعدّى إلى العارضي لعدم قصور الإطلاق كما هو الصحيح فلا فرق إذن بين ما لم يقبل الزوال وما قبله كالجلال. فالتخصيص بالأول بلا موجب بعد عدم دخل قابلية الزوال وعدمه في الصدق المزبور.
ومن الغريب قياسه قدسسره الجلل بالاضطرار ، فكما أنّ الاضطرار إلى أكل لحوم السباع مثلاً لا يجوّز الصلاة في أجزائها لقبوله للزوال فكذلك الجلاّل لعين الملاك.
وأنت خبير بما بينهما من الفرق الواضح ، ضرورة أنّ الاضطرار إلى أكل لحم الأسد مثلاً الموجب لحلّية الأكل بالإضافة إلى خصوص المضطر إليه لا يوجب تغييراً في أصل التشريع ، ولا يقتضي تبدّلاً في الحكم الواقعي بالنسبة إلى عامة المكلفين بحيث يصدق على اللحم المزبور أنّه مما أحلّ الله أكله في الشريعة المقدسة كما أحلّ لحم الغنم ونحوه.
وهذا بخلاف الجلال ، فانّ ذات لحم الحيوان المتصف بالجلل حرم على كلّ أحد كلحم الأسد ، ويصدق عليه حقيقة أنّه مما حرم الله أكله في الشريعة المقدّسة على عامّة المكلفين كما حرّم لحم السباع ونحوها مما لا يؤكل لحمه. فهما وإن اشتركا في قبول الزوال إلا أنّ الجلال يمتاز بخصوصية بها تندرج تحت الإطلاق دون الاضطرار ، فقياس أحدهما بالآخر قياس مع الفارق الواضح كما هو ظاهر.
__________________
(١) رسالة الصلاة في المشكوك : ٩٦.