وثانياً : أنّه لم يعلم استناد فتواهم بالكراهة إلى هاتين الصحيحتين ليتم الجبر ، ولعلّهم استندوا إلى أمر آخر.
إذن فالقول بالحرمة لا يخلو عن قوّة ، إذ ليس لدينا ما يمنع عن الأخذ بظواهر هذه الأخبار عدا ما قد يقال من الاستناد إلى ما رواه في قرب الإسناد عن علي بن جعفر عن أخيه عليهالسلام قال : « وسألته عن الخاتم يكون فيه نقش تماثيل سبع أو طير يصلّى فيه؟ قال : لا بأس » (١) فإنّ موردها وإن كان هو الخاتم إلا أنّه يتعدّى إلى الثوب بعدم القول بالفصل.
ويندفع مضافاً إلى ضعف سندها بعبد الله بن الحسن ، أنّها بنفسها قد نطقت بالفصل ، حيث تضمّنت جملة من الأسئلة ، وفي بعض ما تقدّم سئل عن الثوب الذي فيه التماثيل ، فأجاب بأنّه لا يصلّى فيه. وقد أشار إليه في الوسائل في نفس الباب الحديث ١٧ (٢). والعمدة ما عرفت من ضعف السند ، فلا يعوّل عليها في شيء من الحكمين.
والمتحصّل : أنّ الأوفق بالصناعة ما اختاره الشيخ في المبسوط والنهاية من الحكم بالعدم في الثوب والخاتم ، إذ ليس لدينا ما يتوهّم معارضته لتلك النصوص القويّة سنداً ودلالة ما عدا الشهرة الفتوائية بالكراهة ، غير الناهضة لمقاومتها كما لا يخفى. ولم تكن المسألة ممّا يكثر الابتلاء بها ليصحّ التمسك بما تمسكنا به في كثير من المقامات مما أسميناه بالدليل الخامس فلاحظ.
بقي شيء وهو التعرّض لتفسير التمثال الوارد في هذه الأخبار ، والظاهر أنّه اسم للصورة الحيوانية خاصة ، كما حكي عن بعض أهل اللغة. وعليه فالمنهي عنه تمثال مخلوق ذي روح.
بل يكفينا مجرّد الشك ، وإن احتملنا الوضع للأعم بحيث يشمل النبات والجماد كالشجر والجبل ، للزوم الاقتصار فيما يشك في سعة المفهوم وضيقه على
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٤٤٢ / أبواب لباس المصلي ب ٤٥ ح ٢٣ ، قرب الإسناد : ٢١١ / ٨٢٧.
(٢) الوسائل ٤ : ٤٤١ / أبواب لباس المصلي ب ٤٥ ح ١٧ ، قرب الإسناد : ١٨٦ / ٦٩٤.