يعم الوجه والكفّين ، لذهاب جماعة من المحققين كالشيخ الطوسي (١) على ما نسب إليه والشيخ الأنصاري (٢) وغيرهما إلى الجواز ، ومعه كيف يمكن دعوى الإطباق والاتفاق. وإن أراد به دونهما فهو مسلّم ، لكنه لا ينفع للمقام وأجنبي عن محل الكلام. فهذه الدعوى على تقدير غير صحيحة وعلى التقدير الآخر غير مفيدة.
الخامس : قيام السيرة العملية من المتشرعة المتصلة بزمن المعصومين عليهمالسلام على التستر عن الأجنبي الكاشف عن وجوبه الملازم لحرمة النظر كما مرّ.
وفيه أوّلاً : أنّ السيرة ممنوعة من أصلها ، سيما في مثل القرى والقصبات والبلدان أيضاً ، بل لعلّ السيرة في هذه الموارد قائمة على العكس كما لا يخفى نعم لا نضايق من تحققها بالإضافة إلى النساء المجلّلات في البلدان الكبار ، وأمّا على سبيل العموم فكلا ، فهي مختصة بطائفة من النساء في بعض البلاد.
على أنّه يمكن منع السيرة هنا أيضاً ، فإنّ المجللات إنّما يتسترن عن الأجانب المحض ، دون الأقارب وإن لم يكونوا محارم كزوج الأُخت أو أخي الزوج أو ابن العم ونحوهم ممن يسكنون في دار واحدة معها ، فإنهنّ لا يتسترن غالباً عن مثل هؤلاء الأقارب مع أنّهم أجانب شرعيين وإن لم يكونوا كذلك عرفاً. ومن المعلوم عدم الفرق في وجوب الستر عن الأجنبي بين العرفي والشرعي كما يفصح عنه الصحيح المتقدم (٣) الوارد في شعر أُخت المرأة المتضمّن أنّها والغريبة سواء. فيظهر أنّ السيرة في موردها إنّما هي لجهة أُخرى لا للمنع الشرعي ، وإلا كان مقتضاها عدم الفرق بين الموارد كما عرفت.
وثانياً : لو سلّم فلم يحرز الاتصال ، لاحتمال أن يكون المستند في ذلك فتوى المشهور بحيث لم تكن السيرة قبل صدور الفتوى منهم ، فلم تتصل إلى زمن
__________________
(١) المبسوط ٤ : ١٦٠.
(٢) كتاب النكاح : ٤٦ ٤٩.
(٣) في ص ٦٣.