ومنها : التفصيل بين ما إذا علّق الأمر بزوال علّة عروض النهي فيكون للإباحة ، وما لم يعلّق به فيكون للوجوب ، حكاه في الأوّل ووافقه في ذلك أخوه في الفصول.
ومنها : الوقف ، وقد حكى أيضا فيما عدا الثاني.
ومنها : ما اختاره في الفصول من التفصيل بين كون حكم الشيء قبل الحظر وجوبا أو ندبا وبين غيره ، فعلى الأوّل كان « الأمر » الوارد بعده ظاهرا فيه فيدّل على عود الحكم السابق ، تعليلا بأنّ إباحة العبادة غير معقولة ، وعلى الثاني كان ظاهرا في الإباحة مطلقا.
ثمّ إنّ ظاهرهم تمثيلا ودليلا وتعبيرا بالصيغة في كلام جماعة في طيّ البحث اختصاص النزاع بالأمر بالصيغة ، مضافا إلى تفريع جماعة منهم الخلاف على القول بكونها للوجوب ، وهو كذلك إذ لا ينبغي أن يرتاب أحد في كون الأمر بالمادّة مفيدا للوجوب في جميع أحواله ، كما أنّ ظاهرهم بل صريح كثير منهم عدم كون النزاع في وضع الصيغة ، لأنّه في كلّ محلّ ثبت فلا يختلف باختلاف أحوال الموضوع استحالة الوضع بالشرط ، والمفروض أنّ نزاعهم في وضع الصيغة قد تقدمّ في البحث السابق ، فيرجع نزاعهم ذلك إلى صلاحيّة سبق الحظر على « الأمر » أو تعقّب « الأمر » للحظر لكونه قرينة صارفة لها عن حقيقتها إلى غيرها ممّا ذكر وعدمها ، كما يساعد عليه الأوّل من أدلّة القائلين بإفادتها الوجوب مع الأوّل من أدلّة أصحاب القول بالإباحة ـ بمعنى الرخصة ـ على ما سيأتي ، حيث إنّ الأوّلين يتمسّكون بوجود المقتضي وهو الصيغة مع عدم المانع ، نافين لصلاحيّة ما ذكر لكونه موجبا للصرف ، والآخرين يتمسّكون بظهور المقام وكون ما ذكر موجبا لرجحان الإباحة بالمعنى المذكور ، ومثل هذا النزاع ليس بعادم النظير في ذلك الفنّ ، لوقوعه في المجاز المشهور من حيث تقدّمه على الحقيقة المرجوحة أو رجحانها عليه أو تكافؤهما الموجب للوقف ، على ما تقدّم في محلّه من رجوعه إلى أمر صغروي وهو صلوح الشهرة لكونها قرينة صارفة وعدمه.
ومثله النزاع في كون اختصاص الضمير ببعض أفراد العامّ موجبا لتخصيص ذلك العامّ بهذا الفرد وعدمه في وجه (١).
ومثلهما النزاع في كون المخصّص المتعقّب لعمومات عديدة موجبا لتخصيص الكلّ وعدمه في وجه أيضا.
__________________
(١) والتقييد بذلك إشارة إلى كونه مبنيّا على القول بكون العامّ المخصّص مجازا في الباقي ، فتأمّل. ( منه ).