كون الطالب عاليا بحسب الواقع ، أو مساويا ، أو دانيا على ما صرّحوا به.
وعن السيّد وجمهور المعتزلة وبعض الأشاعرة المصير إلى الثاني ، وصار إليه بعض الفضلاء أيضا ، ورجّح الثالث بعض الأعلام وحكاه عن جماعة أيضا ، ووافقه بعض الأعاظم.
والرابع ما أختاره بعض الأفاضل ، كما أنّ الخامس عزاه في النهاية إلى بعض الناس ، وفي كلام بعض الأفاضل أنّه يظهر من العضدي ، ويعزى إلى ظاهر البيضاوي والاصفهاني والمنقول من حجّة أصحاب القول الأوّل وجهان :
أحدهما : أنّ من قال لغيره : « افعل » على سبيل الاستعلاء ، يقال : إنّه أمره ، ومن قال لغيره : « افعل » على سبيل التضرّع لم يصدق ذلك وإن كان أعلى.
وثانيهما : إنّهم فرّقوا بين الأمر والالتماس والدعاء بأنّه إن كان الطلب على سبيل الاستعلاء كان أمرا ، إلى آخر ما ذكروه ، مضافا إلى ما عرفت من إسناده إلى الأكثر ونقل الاتّفاق.
واحتّج في الضوابط بعدم صحّة سلب « الأمر » عن طلب الداني المستعلي ، فإنّه لا يصحّ سلبه عنه لغة وإن كان ذلك قبيحا عقلا باعتبار كون العلوّ من الشروط العقليّة لصحّة الأمر.
وحجّة القول الثاني ـ على ما نقلت أيضا ـ وجهان :
أحدهما : أنّه يستقبح أن يقال : « أمرت الأمير » ولا يستقبح أن يقال : « سألته » ولو لا اعتبار الرتبة في ذلك لما كان كذلك.
وثانيهما : جعلهم الرتبة فارقة بين « الأمر » وأخويه.
وحجّة القول الثالث على ما قرّره بعض الأعاظم : التبادر وصحّة السلب عن العاري عنهما أو أحدهما ، كأن يطلب العالي بتذلّل ، أو الداني ولو مع الاستعلاء ، والاستقباح عرفا إذا قيل : « أمر الرعيّة الأمير بكذا ».
وقد حكى بعض الأفاضل الاستدلال عليه بظهور « الأمر » عرفا في علوّ الآمر ، إذ هو المفهوم في العرف من قولك : « أمر فلان بكذا » فإذا انضمّ إلى ذلك ما يرى من عدم صدق « الأمر » مع استخفاضه لنفسه دلّ على عدم الاكتفاء في صدقه بمجرّد العلوّ فيعتبر الاستعلاء معه ايضا.
واحتجّ ذلك الفاضل على ما اختاره من القول الرابع فعلى الاكتفاء بمجرّد الاستعلاء وإن خلا عن العلوّ بظهور صدق « الأمر » بحسب العرف على طلب الأدنى من الأعلى على سبيل الاستعلاء ، ولذا قد يستقبح منه ذلك ويقال له : « ليس من شأنك أن تأمر من هو أعلى منك » وقد نصّ عليه جماعة.