وإنّما تدلّ على طلب الماهيّة *.
__________________
من المصادر الخالية عن اللام والتنوين ، وهي حقيقة في الطبيعة لا بشرط شيء اتّفاقا ـ كما صرّح به السكّاكي ـ مبنيّ على اشتباه موضع النزاع ، أو الخلط بين وضعي المادّة والهيئة ، إذ لا ضير في كون المادّة باعتبار ما لها من الوضع الشخصي موضوعة بإزاء الطبيعة لا بشرط شيء ، ثمّ عرض لها باعتبار ما للهيئة العارضة لها من الوضع النوعي بعض القيود الخارجة عنها ، كما هو الحال في وضع الصيغة للوجوب أو الندب أو غير ذلك ممّا تقدّم ، من حيث إنّ مدلول المادّة لا مدخليّة فيه لشيء من تلك المذكورات وإنّما هي من مقتضيات وضع الهيئة ، فلو صحّ الاستدلال المذكور لقضى بانتفاء الوجوب ـ بل الطلب رأسا ـ عن الأوامر ، وهو مناف لمذاهبهم جزما.
والظاهر إمكان جريان الاحتمالات المذكورة في الأمر بالمادّة بجميع مشتقّاته ، وإن كان لا يساعده صريح العنوانات وظهور الاستدلالات.
* والمراد بها الحقيقة الكلّيّة القابلة للمرّة والتكرار المعرّاة عن اعتبارهما فيها بحسب الوضع شطرا وشرطا ، فلا ينافيه لو قام من العقل ونحوه ما يقضي بدخول أحدهما في الإرادة ولو بحكم العادة ، كما في قوله : « اشتر اللحم » ونظائره ، و « احفظ دابّتي » وأمثاله من حيث جريان العادة بعدم تعلّق غرض في الأوّل إلاّ بالمرّة وفي الثاني إلاّ بالتكرار.
ومن البيّن أنّ هذا المعنى من حيث رجوعه إلى الوضع واللغة لا تلازم بينه وبين تعلّق الأوامر بالطبائع ليتوجّه إلى المصنّف تدافع بين مذهبه هنا واختياره تعلّق الأوامر بالأفراد فيما سيأتي تحقيق القول فيه إن شاء الله ، إذ القول بذلك إنّما نشأ عن توهّم قيام قرينة عقليّة قاضية بأنّ الطلب من الشارع لابدّ وأن يتعلّق بما يمكن وجوده لئلاّ يلزم التكليف بالمحال المستحيل على الحكيم على فرض تعلّقه بما لا يمكن وجوده ، والماهيّة ممّا لا وجود له في الأعيان ، فيتعيّن أن يكون الطلب قد تعلّق بالفرد ، ولا منافاة في كون متعلّق الطلب باعتبار تعلّق الوضع هو الماهيّة وباعتبار تعلّق أمر الشارع هو الفرد ، لأنّ ذلك من جهة قرينة توجب الإنصراف عن مقتضى الوضع ، ولا يلزم كونه من باب التجوّز حتّى يتوجّه لزوم المجاز في غالب الخطابات ، لجواز كونه من باب تعدّد الدالّ والمدلول الملازم لكون اللفظ مرادا منه معناه الحقيقي ، على أنّ القائل بتعلّق الأمر بالفرد لم يظهر منه دعوى كون الفرد مرادا باللفظ ، ولا سيّما على تفسير الأمر بالطلب ـ كما هو الأقوى ـ لا اللفظ الدالّ عليه ونحوه.
فما قد يتخيّل في المقام من أنّ القائل بكون الأمر للمرّة أو التكرار قائل بكون