وتوضيح ذلك : أنّ النسبة المأخوذة في مداليل الأفعال باعتبار أوضاعها النوعيّة المتعلّقة بهيئآتها إمّا إخباريّة أو إنشائيّة.
والمراد بالأوّل : ما يراد من الأفعال الماضويّة والمضارعيّة ويقصد بها الحكاية عمّا هو في الواقع بين الحدث والذات المدلول عليهما بها الّتي هي مناط الصدق والكذب في الأخبار ، فلذا يعرّف الخبر : « بكلام لنسبته خارج تطابقه أو لا تطابقه ».
ومن البيّن أنّ احتمالي المطابقة والعدم وصفان لتلك النسبة الملحوظة حكاية لا لما هو في الواقع الملحوظ محكيّا عنه ، الخارج عن مدلول اللفظ وضعا وإن دخل فيه التزاما ، واحتمالا المطابقة والعدم قد ينشأان من جهة الذات المنسوب إليها الحدث كأن يسند « الضرب » إلى « زيد » في الزمن الماضي واحتمل صدوره عن غيره في ذلك الزمان ، وقد ينشأان عن الحدث المنسوب إلى الذات كما لو اسند « القتل » إلى « زيد » واحتمل كون ما صدر عنه هو « الضرب ».
وقد ينشأان عن الزمان المنسوب فيه الحدث إلى الذات ، كما لو اسند إليها « الضرب » في الزمن الماضي واحتمل كونه صادرا منه في الحال أو الاستقبال أو بالعكس.
وقضيّة ذلك كون كلّ من الماضي والحال والاستقبال قيدا لتلك النسبة لأنّها تقع حكاية في تلك الأزمنة (١) موجبة لاتّصافها بوصفي المطابقة والعدم.
__________________
(١) قوله : ( لأنّها تقع حكاية في تلك الأزمنة ... الخ ) ومحصّل ذلك : أنّه لو لا الأزمنة قيودا للنسبة الواقعة حكاية عمّا هو في الواقع لما اعتبرت المطابقة والعدم فيها باعتبار الزمان.
وقد عرفت أنّ المطابقة والعدم يعتبران فيها باعتبار الزمان أيضا ، فإنّ جهات المطابقة على ما عرفت متعدّدة ، فقد يتّفق المطابقة بالنسبة إلى الجميع ، وقد يتّفق المطابقة بالنسبة إلى الزمان دون الحدث والذات ، وقد تتّفق بالنسبة إلى الزمان والحدث دون الذات ، وقد تتّفق بالنسبة إلى الزمان والذات دون الحدث ، وقد تتّفق بالنسبة إلى الحدث دون الزمان والذات ، وقد تتّفق بالنسبة إلى الذات دون الحدث والزمان ، والكلّ موجبة للكذب لأنّ النتيجة تابعة لأخسّ مقدّماتها ، ومعنى كون الزمان قيدا للنسبة أنّ انتساب الحدث إلى الذات في الفعل الماضي إنّما هو في زمان الماضي ، بمعنى أنّ زمان الانتساب زمان الماضي ، وأمّا الحدث فهو مطلق من جميع الجهات فيمكن عدم كونه صادرا عن الذات عن أصله ، ويمكن صدوره في ذلك الزمان فيكون الكلام صدقا ، ويمكن صدوره عنه في الحال أو الاستقبال فيكون كذبا كالصورة الاولى ، ومن هذا الباب النسبة الإنشائيّة الطلبيّة فإنّ زمن الحال قيد لها ، وبهذا الاعتبار يكون قيدا للطلب لأنّ قيد المقيّد قيد لقيده كما لا يخفى.
وأمّا الحدث المطلوب فهو بالنسبة إلى الزمان مطلق فيمكن وقوعه في الحال كما يمكن وقوعه في الاستقبال.
وظنّي أنّ كلّ ذلك واضح لمن له أدنى تأمّل في المطالب الدقيقة. ( منه عفي عنه ).