البراءة عن تعدّد التكليف وتعدّد العقاب بالتأخير في كلّ مرتبة.
وإذا دار الأمر بين الثاني والثالث من معانيه فالأصل هو الأوّل ، لاستلزام الثاني ترتّب العقاب على التأخير عمّا بعد الزمان الأوّل إلى غيره في كلّ مرتبة.
وممّا قرّرنا يعلم الحكم فيما لو داربين ثلاثيّات الصور ورباعيّاتها فلا حاجة إلى الإعادة والتكرار.
الأمر السابع : في ثمرات أقوال المسألة.
فثمرة القول بالماهيّة جواز أداء المأمور به فورا وتراخيا أخذا بموجب إطلاق اللفظ ، المعتضد بجملة من الاصول المتقدّمة كما لا يخفى.
ويشكل الفرق بينه وبين القول بجواز التراخي حينئذ في تلك الثمرة لترتّبها عليهما معا كما لا يخفى.
ويمكن الفرق بينهما بوجود ما يقضي من الخارج بإرادة الفور ، فعلى الماهيّة لا معارض له لكون الإطلاق القاضي بجواز التراخي من باب السكوت في معرض البيان فلا يعارض البيان ، وعلى جواز التراخي يعارضه ظاهر الأمر لأنّه ظهور وضعيّ فلابدّ من المراجعة إلى المرجّحات.
وربّما يحكى (١) الفرق بينهما عن الحاجبي فيما لو أخّر الأداء عن زمان الفور فمات فجأة أو فاجاه العذر القاضي بعدم تمكّنه عن الإتيان به ، فعلى القول بالتراخي لا عقاب عليه لترتّب الترك حينئذ على إذن الآمر ، بخلافه على القول بالماهيّة فيستحقّ العقوبة لتفويته المأمور به عملا ، وإن كان ذلك من جهة ظنّه بتمكّن الأداء في الآخر ، فإنّ ذلك الظنّ إنّما يثمر مع أداء الواجب وأمّا مع عدمه فهو تارك للمأمور به ، وقضيّة وجوبه استحقاق العقاب بتركه.
وأورد عليه : بأنّ جواز التأخير حينئذ وإن كان بحكم العقل إلاّ أنّه يطابق حكم الشرع فيثبت جواز التأخير في الشرع أيضا ، فلا فرق بين الوجهين حينئذ إلاّ في كون جواز التأخير شرعا بلسان الشرع أو العقل ، وهو لا يوجب فرقا في الحكم بعد قيام العقل دليلا على الشرع.
أقول : والّذي يترجّح في نظري القاصر ، أنّ تجويز التأخير سواء كان من مدلول اللفظ
__________________
(١) حكاه في الهداية ( منه ).