أو من مقتضى العقل لا يثمر في عدم استحقاق العقاب بالترك ، وإنّما يثمر بعدم العقاب على التأخير ، وأمّا الترك بعد التأخير فهو موجب للعقاب لعدم ثبوت جواز على الإطلاق بشيء من العقل واللفظ ، بل غايته الجواز إلى ظنّ الفوات.
أمّا على الأوّل : فواضح.
وعلى الثاني : فلتقيّد إطلاق اللفظ على فرضه بضرورة العقل.
فقضيّة ذلك ترتّب استحقاق العقوبة لو فاته بعد التأخير عن ظنّ الفوات ، كيف وخروج الواجب عن الوجوب غير معقول إلاّ في مواضع الامتثال أو قيام المسقط والمقام خال عنهما ، ولا يلزم ذلك لو فاته لا مع ظنّ الفوات سواء فيه ظنّ الأداء وعدمه ، لعدم استناده حينئذ إلى العصيان الموجب للاستحقاق ، بل إلى مفاجاة العذر الذي هو بنفسه من المسقطات الرافعة للأمر والوجوب ، نظير السهو والنسيان وغيرهما الرافعة لهما فلا وجه لما ذكر من الفرق ، كما لا وجه لفرق آخر مذكور في المقام وهو أنّه على القول بالتراخي يجوز التأخير ما لم يظنّ الفوات به ، وأمّا على القول بالطبيعة فإنّما يجوز التأخير مع الظنّ بتمكّن الأداء ، وأمّا مع الشكّ فيه فلا ، إذ المفروض إيجاب الطبيعة ، فإذا حصل الشكّ في فراغ الذمّة مع التأخير لم يجز الإقدام عليه ، لوجوب تحصيل الفراغ عند حصول الاشتغال ، فلا يجوز له إلاّ الاشتغال به ، إذ لا أقلّ في حكم العقل بجواز التأخير من الظنّ بأداء الواجب معه ، فإنّ وجوب تحصيل الفراغ مع حصول الاشتغال لا ينافيه التأخير لإمكانه معه أيضا إذا لم يتطرّق عليه العذر ، ولو اتّفق الفوات حينئذ فهو مرفوع الحكم بوجود المسقط بقضاء من العقل ، ومعه لا يتصوّر قضاؤه باعتبار الظنّ بالتمكّن في التأخير ، فمجرّد احتمال تطرّقه غير كاف في كون المقام من مجاري القاعدة ، وإلاّ لكانت مطرّدة حتّى في صورة الظنّ بالتمكّن ، ضرورة أنّ مجرّد رجحان احتمال التمكّن لا يوجب عدم اقتضاء حصول الاشتغال وجوب تحصيل الفراغ ، فإنّه حكم عقلي سار في جميع الصور ، غاية الأمر أنّه قد يتّسع زمان تحصيل الفراغ بحكم العقل أو اللفظ ، فإذا كان العقل يحكم بالتوسعة مع ظنّ التمكّن فكذلك يحكم بها مع عدم الظنّ بعدم التمكّن من غير وجود فارق بينهما في نظر العقل كما لا يخفى.
وثمرة القول بالفور ظاهرة في جميع محتملاته ، كظهور ثمرة القول بالتراخي بكلّ احتماليه ، كما أنّ ثمرة القول بالاشتراك اللفظي ظاهرة ، فإنّه مع قيام القرينة الكاشفة عن