سبحانه : ( ما مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ) ولو لم يكن الأمر للفور لم يتوجّه عليه الذمّ ، ولكان له أن يقول : إنّك لم تأمرني بالبدار ، وسوف أسجد.
والجواب : أنّ الذمّ باعتبار كون الأمر مقيّدا بوقت معيّن * ولم يأت بالفعل فيه. والدليل على التقييد قوله تعالى : ( فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ ).
__________________
كون الفهم ناشئا عنها ، والحاسم للاستدلال ما لو استند الفهم والتبادر إلى ملاحظتها.
ويدفعه : قضاء الوجدان بأنّه لو لا ملاحظتها ولو إجمالا لما حصل التبادر ، فلذلك تراه في غير المثال المذكور مفقودا ، وإن شئت فانظر إلى قول السيّد وغيره : « أعط الفقير درهما » و « اشتر اللحم » ونحو ذلك ممّا لا يحصى.
* قيل ذلك الوقت إمّا زمان التسوية بناء على أنّ « إذا » ظرف زمان للجزاء فيكون للتوقيت ، فيفيد أنّ الجزاء لابدّ من حصوله في ذلك الوقت ، أو زمان متآخم لزمان التسوية على ما يقتضيه « الفاء » فإنّها للتعقيب من غير تراخ ، فيدلّ على ترتّب الجزاء على الشرط من غير فصل.
واعترض : بأنّ الذمّ لو كان باعتبار مخالفة الأمر المقيّد وجب أن يذكر في مقام الذمّ ما هو مناطه وهو التقييد ، من غير أن يذمّ على مجرّد مخالفة الأمر كما هو ظاهر الآية.
واجيب : بأنّ قوله تعالى : ( إِذْ أَمَرْتُكَ )(١) محتمل لوجهين :
الأوّل : حين صدور الأمر منّي.
والثاني : حين أمرت بايقاع الفعل فيه.
وعلى الأوّل يكون كلمة « إذ » ظرفا لنفس الأمر وعلى الثاني ظرفا للمأمور به ، والاستعمال بكلا قسميه شائع ورجحان أحدهما على الآخر ممنوع.
والاستدلال إنّما يستقيم لو كان المراد هو الأوّل ، وأمّا على الثاني فالمذكور في مقام الذمّ مخالفة الأمر المقيّد لا المطلق.
وربّما يجاب عن الاستدلال أيضا : بمنع ترتّب الذمّ على مجرّد التأخير بل على تركه
__________________
(١) الأعراف : ١٢.