وذلك ليس بجائز فتأمّل! *.
الخامس : أنّ كلّ مخبر كالقائل : « زيد قائم ، وعمرو عالم » وكلّ منشىء كالقائل : « هي طالق ، وأنت حرّ » إنّما يقصد الزمان الحاضر **. فكذلك الأمر ، إلحاقا له بالأعمّ الأغلب.
__________________
وقد لا يكون خصوص الزمان مأخوذا فيه فيتساوى نسبته إلى جميع الأزمنة ، وما لا يتصوّر فيه المسارعة والاستباق إنّما هو القسم الأوّل خاصّة ، وأمّا الأقسام الأربعة الباقية فلا مانع من صدق المسارعة بالنسبة إليها ».
فلا وجه لتوهّم التنافي حينئذ بين مقتضى الصيغة والمادّة ، إذ لا يلزم من دلالة الصيغة على وجوب الفور كون المأمور به من قبيل القسم الأوّل الّذي لا يتحقّق فيه المسارعة والاستباق.
ولو سلّم فإنّما يستقيم لو قلنا بدلالة نفس الأمر على وجوب الفور ، وأمّا إذا قلنا باستفادة الفور من الآيتين فأيّ منافاة تتحقّق بين مفادي الصيغة والمادّة ، إذ لو لا الأمر المذكور لصحّ تأخير الفعل وتعجيله بالنظر إلى الأمر المتعلّق به ، وإنّما يجب المسارعة والتعجيل من جهة الأمر المذكور ، فما يقتضيه المادّة هو جواز تأخير الفعل في نفسه مع قطع النظر عن إيجاب الفور بالأمر المذكور ، وما يقتضيه الصيغة هو المنع منه ولا منافاة بينهما.
والحاصل : أنّ هنا فرقا بين وجوب التعجيل مع قطع النظر عن الأمر بالتعجيل ووجوبه بهذا الأمر ، والمنافاة المدّعاة ـ لو تمّت ـ فإنّما تتمّ في الصورة [ الاولى ] خاصّة ، والقول باعتبار جواز التأخير مطلقا في صدق « المسارعة » ممنوع بل فاسد جدّا.
* ذكر وجهه في الحاشية : أنّ حمل « سارعوا » على الندب مجاز ، ويمكن أيضا أن يكون بمعنى « بادروا » ويكون دليلا على الفوريّة فيتعارض المجازان ، ولعلّ الأوّل راجح لأصالة عدم الفوريّة.
ويشكل ذلك : بعدم الفرق بين « سارعوا » و « بادروا » في ظاهر العرف بل هما مترادفان على ما يستفاد من أهل اللغة ، حيث [ فسر ] الأوّل غير واحد منهم بالثاني كما أشرنا إليه سابقا ، فلا مجاز هنا ليكون معارضا مع مجازيّة الأمر في الندب حتّى يراجع إلى المرجّح.
** ويرد عليه : أنّه إن اريد أنّ كلّ مخبر يقصد الزمان الحاضر لإيقاع النسبة واعتبار كونها حكاية عمّا هو في الواقع فهو أمر واضح لا خفاء فيه ، وفعل الأمر أيضا من هذا