النقيض إذ لا فرق بين العلم والمعلوم ، هذا على ما في النهاية.
وملخّصه : أنّ العلم لا يؤثّر في المعلوم وجودا ولا عدما بل هو تابع له ، بمعنى أنّ المعلوم لمّا كان في وقته في معرض الحصول بتحقّق أسبابه ومقتضياته فتعلّق العلم به ، فهو باق على إمكانه ومقدوريّته ، والاستحالة الملحوظة بالنسبة إلى خلافه إنّما نشأت على تقدير تعلّق العلم وهو لا يقضي بالاستحالة أيضا على تقدير آخر ، كما أنّ استحالة وقوع أحد النقيضين إنّما ينشأ عن وقوع النقيض الآخر لا مطلقا ، ولذا لا استحالة في وقوعه على تقدير عدم وقوع ذلك النقيض.
فمرجع الجواب إلى منع المقدّمة الاولى وهي استحالة وقوع الإيمان من الكافر ، لا منع المقدّمة الثانية وهو عدم جواز تعلّق الإرادة بالمحال.
ويشكل ذلك : بأنّ عدم استحالة وقوع خلاف المعلوم وهو الإيمان حينئذ معلّق على أحد الأمرين من ارتفاعه وانقلابه جهلا مركّبا ، وكلاهما بالقياس إليه تعالى محال.
وظاهر أنّ المعلّق على المحال محال ، فالمحذور بحاله إلاّ أن يوجّه الاستدلال بحمله على إرادة الامتناع الذاتي فيبطل بالوجه المذكور ، نظرا إلى أنّ ما يتراءى في حقّ الكفّار امتناع عرضي ناش عن الغير فلا ينافيه الإمكان الذاتي ، ولكنّه غير مطابق لظاهر الاستدلال ، كما لا يخفى على من تأمّل جيّدا.
والأولى أن يوجّه الجواب ويقال : إنّ معنى كون العلم تابعا أنّ الكافر لو لا اختياره عدم الإيمان لما علم الله تعالى بعدم وقوع الإيمان منه ، ولما وجب عليه الكفر ولما امتنع عليه الإيمان فكما أنّ الوجوب والامتناع لا ينافيان الاختيار بل يؤكّدانه ويحقّقانه ، فكذلك علمه تعالى لا ينافيه بل يؤكّده ويحقّقه.
وقضيّة ذلك كون العلم مع الوجوب والامتناع متلازم الوجود كما أنّهما متلازمان في الوجود لا أنّ الامتناع مترتّب عليه ، وأن يثبت له التبعيّة في الإطلاق والتقييد ثبوتها لهما ، فلو فرض اختياره عدم الإيمان ثابتا إلى الأبد يتعلّق به علمه تعالى كذلك ، ولو فرض كونه مغيّى إلى غاية متناهية يتعلّق به علمه تعالى كذلك ، فلا يلزم من وقوع الإيمان في زمان منه بعد ما اختار عدمه إلى ذلك الزمان انقلاب علمه تعالى جهلا ولا ارتفاعه.
أمّا الأوّل : فلأنّه فرع بقاء العلم بعد انقلاب الاختيار والمفروض خلافه.
وأمّا الثاني : فلأنّه فرع ثبوته من بدو الأمر على الإطلاق ثمّ ارتفاعه في الأثناء