نعم يصحّ منه القول بذلك على ما يتوهّم من كلامه في مبحث اجتماع الأمر والنهي من القول بعدم وجود الكلّي الطبيعي على ما في بعض الحواشي.
وأنت خبير بعدم منافاة كلامه ثمّة لما ذكره في الحاشية ممّا أشرنا إليه ، بل بعد التأمّل في أطراف هذا الكلام لا يستفاد منه إلاّ اختيار هذا القول.
وإن شئت فلاحظ ما ذكره في المبحث المذكور عند الجواب عن ثاني حجّتي القول بجواز اجتماع الأمر والنهي من قوله : « ضرورة أنّ الأحكام إنّما يتعلّق بالكلّيّات باعتبار وجودها ، فالفرد الّذي يتحقّق به الكلّي هو الّذي يتعلّق به الحكم حقيقة ، وهكذا يقال في جهة الصلاة ، فإنّ الكون المأمور به فيها وإن كان كلّيّا لكنّه إنّما يراد باعتبار الوجود ، فمتعلّق الأمر في الحقيقة إنّما هو الفرد الّذي يوجد منه ولو باعتبار الحصّة الّتي في ضمنه من الحقيقة الكلّيّة على أبعد الرأيين في وجود الكلّي الطبيعي » انتهى.
ولا يخفى أنّ قوله : « ضرورة أنّ الأحكام إنّما تتعلّق بالكلّيّات باعتبار وجوده » وكذلك قوله : « فالفرد الّذي يتحقّق به الكلّي هو الّذي يتعلّق به الحكم » صريح في خلاف القول بعدم وجود الكلّي الطبيعي.
وبمثل ذلك صرّح في بحث المفرد المعرّف باللام بقوله : « إذ الأحكام الشرعيّة إنّما تجري على الكلّيّات باعتبار وجودها ».
فدعوى : أنّ قوله ـ في آخر كلامه المذكور ـ : « على أبعد الرأيين في وجود الكلّي الطبيعي » يدلّ على أنّ مذهب المصنّف عدم وجود الكلّي في الخارج بل أفراده موجودة ، فاسدة جزما بل مذهبه بقرينة ما ذكر إنّما هو وجود الكلّي في الخارج جدّا.
ولكن يبقى الكلام في أنّ مذهبه هذا هل هو الوجود الضمني أو العيني وظاهر عبارته المذكورة هو الثاني ، حيث جعل القول بوجود الحقيقة الكلّيّة باعتبار الحصّة الموجودة منها في ضمن الفرد أبعد الرأيين ، ولا يجوز أن يكون مراده بالرأي الآخر إنكار وجود الكلّي الطبيعي لما تقدّم ، مضافا إلى أنّه قال : « أبعد الرأيين في وجود الكلّي ».
ومن البيّن أنّ الرأيين في وجود الكلّي أحدهما : كونه في ضمن الفرد الموجود منه.
وثانيهما : كونه عينه.
فإذا كان الأوّل عنده أبعد يتعيّن كون الثاني هو الأقرب والمختار.
ويشهد به أيضا قوله : « فمتعلّق الأمر في الحقيقة إنّما هو الفرد الّذي يوجد منه ولو