الأحكام وأمّا الموضوعات فأسبابها ما يلزم من وجودها وجود المسبّبات.
نعم لو رام المعرّف بيان مطلق السبب لاتّجه إليه أنّه أخصّ من المعرّف لعدم تناوله ما يكون سببا لنفس الحكم كما لا يخفى.
وأمّا الشرط : فهو في اللغة متحرّكا العلامة وساكنا مجرّد الإلزام والالتزام ، نصّ عليه الجوهري على ما حكاه بعض الأعاظم.
وفي القاموس : إلزام الشيء والتزامه في البيع ونحوه ، وكأنّه خصّه بالذكر توضيحا ومثالا وإلاّ فهو لا يختصّ بالبيع وأمثاله على ما يساعده فهم العرف وتبادر أهل اللسان ، ويشهد به الاستعمالات الواردة مورد إفادة المعنى الحقيقي من غير تأمّل ، فلذا جعله في المجمع معروفا.
وفي الاصطلاح فالمعروف من معناه : ما يلزم من عدمه عدم المشروط ولا يلزم من وجوده وجوده ، وكأنّهما فصلان لجنس مقدّر مشترك بينه وبين السبب ـ المتقدّم ذكره ـ وهو « الخارج » ، على ما هو المعلوم من طريقتهم من جعلهم الفارق بينها وبين الجزء دخوله وخروجهما ، وإنّما لم يصرّحوا بذكره عند التحديد إحالة للأمر إلى وضوحه أو معلوميّته من اصطلاحهم مع كون الغرض في هذا المقام التفسير الإجمالي
المفيد لتصوّره إجمالا ، أو لأنّ الغرض بيان ما يتميّز به الشرط عن مشاركه في الجنس القريب وهو السبب ، لا كلّ مشاركاته ليعتبر فيه ما يعتبر في ماهيّته.
والمفروض أنّه حاصل بما ذكر كما يشهد به اكتفاؤهم في حدّ السبب أيضا بما يوجب امتيازه عن الشرط أو هو والمانع أيضا ، لا عن كلّ ما يشاركه ولو في الجنس البعيد كالجزء.
فلا يرد عليه : انتقاضه طردا ببعض أجزاء المقتضي ولا بعض أجزاء المشروط إن كان مركّبا ، فإنّ الجزء مطلقا وإن كان ممّا يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده الوجود ، إلاّ أنّه خارج بالجنس المطويّ في الكلام وهو « الخارج » الموصوف بالموصول المذكور صريحا.
وأمّا ما يورد أيضا على طرده بالمقتضي الجامع لعدم الشرط ولوجود المانع ، فلعلّه كلام ظاهريّ ناش عن قلّة التدبّر في مفهوم التعريف ، فإنّ كلمة « من » ـ على ما تقدّم الإشارة إليه ـ نشويّة قاضية بكون عدم المشروط ناشيا عمّا فرض انعدامه أوّلا من الشرط ، فإذا فرض الشرط في المقتضي معدوما فانعدام المشروط يستند إليه سواء فرض معه المقتضي منعدما أيضا أو لا ، ضرورة أنّ الأثر الواحد الشخصي لا يستند إلى علّتين