ولا سيّما إذا كان عدميّا ، فإنّ الشيء ينعدم بمجرّد انتفاء بعض مقدّمات وجوده ، وليس العدم كالوجود حتّى يتوقّف على تحقّق جميع المقدّمات ، فإذا اختصّ الانتفاء ببعض فهو العلّة وإن فرض الجميع منتفيا ، فالعلّة انتفاء ما سبق انتفاؤه منها إن كان في البين ترتّب ، وإلاّ فالعلّة انتفاء علّة الوجود بجميع ما له مدخل فيها ، والمقتضي الجامع لعدم الشرط لا أثر لعدمه في العدم بعد فرض استناده إلى عدم الشرط ، بل هو حينئذ نظير الحجر في جنب الإنسان فلا يصلح موردا للنقض ، لعدم كونه ممّا يصدق عليه قولنا : « ما يلزم من عدمه العدم » وإنّما يصدق ذلك على الشرط المفروض عدمه معه وهو من المعرّف. ومثله الكلام في المقتضي الجامع لوجود المانع ، فإنّ العدم يستند حينئذ إلى وجود المانع لأنّه ما يلزم من وجوده العدم ، ولا فائدة معه لفرض المقتضي معدوما.
ومن هنا ينقدح فساد النقض بلوازم الشرط أو لوازم المشروط ، فإنّ عدم المشروط لا يستند إلى عدمها أصلا حتّى يكون مشمولا للحدّ.
وأمّا النقض بالشرط المتأخّر عن المقتضي كالإجازة في الفضولي ـ على القول بحصول الانتقال حين الإجازة ـ فغير مفهوم المراد.
فإن اريد به النقض على الاولى من قضيّتي الحدّ فلا وجه له.
وإن اريد به النقض على القضيّة الثانية من جهة أنّه شرط وقد استلزم وجوده الوجود.
ففيه : أنّه ليس من لوازم الشرط بل من لوازم تمام السبب ، والشرط متمّم له ، فالاستلزام واقع في الحقيقة بين المسبّب وسببه لا بين المشروط وشرطه.
والعجب عن بعض الفضلاء كيف أعرض عن هذا الحدّ ـ وفسّر الشرط بالخارج الّذي يقتضي عدمه عدم المشروط مع عدم قيام البدل (١) ولا يقتضي وجوده وجوده ، فصرّح بخروج الجزء لدخوله ، ولوازم الشرط لعدم اقتضاء لها حقيقة ، والمعدّ لأنّ عدمه المقارن لا يقتضي العدم ، كيف وقد اعتبر في المقتضي! نعم عدمه مطلقا يقتضي ذلك ، لكن ظاهر لفظ الحدّ هو الأوّل ـ معترضا على الحدّ الأوّل بكونه منقوضا بالوجوه المذكورة ، مع وضوح سخافتها غفلة عن انتقاض ما اختاره أيضا في طرده بجزء ما يكون سببا محصّلا للشرط كأجزاء الوضوء أو الغسل أو التيمّم في أسباب ما هو شرط للصلاة.
__________________
(١) والظاهر أنّ فائدة قوله : « مع عدم قيام البدل » الاحتراز عن تخلّف شرط لشرط آخر فيما لو كان له شروط متعدّدة ، من جهة أنّ عدم الشرط الأوّل لم يستلزم العدم. ( منه ).