للمأمور به ودليلا على تعيين تقييد الواجب بخلاف غيره كالطهارة للصلاة ، فإنّها مع كونها مقدّمة لوجود الصلاة محتملة لكونها مقدّمة لوجوبها أيضا كالزكاة والحجّ ، فلا يجب علينا الصلاة إلاّ إذا تكلّفنا بتحصيل الطهارة ، وعدم كونها شرطا للوجوب فتكون واجبة علينا بوجوب الصلاة ، والقاعدة في مثل ذلك يقتضي الرجوع إلى الخارج فإن وجد منه شيء يقضي بأحد الأمرين يؤخذ به جزما ، وإلاّ يتوقّف لدوران شرط الوجود بين كونه شرطا للوجوب وعدمه ، من جهة فقد القرينة الدالّة على كون الشيء مع كونه شرطا للوجود شرطا للوجوب أيضا أو شرطا للوجود الصرف وهو موضع التوقّف من حيث الاجتهاد ، والرجوع إلى الاصول العمليّة من حيث الفقاهة ، من غير فرق في ذلك بين القول بالاشتراك ولا غيره حتّى القول بالحقيقة والمجاز ، فمجرّد التوقّف لا يقضي بالاشتراك كما زعموه لكونه أعمّ.
لا يقال : قضيّة ما ذكر في تقرير الاشتباه كون الكلام في مقدّمة كونها شرطا للوجود محرز وإنّما الشبهة في اعتبار أمر زائد وهو كونها مع ذلك شرطا للوجوب أيضا ، ومثل ذلك ليس من مواضع التوقّف لاندفاع الشكّ من جهة كونه في الحدوث بالأصل ، فيبقى احتمال كون الواجب مطلقا والمقدّمة شرطا للوجود سليما عن المعارض.
لأنّا نقول : ليس المراد بشرط الوجود هاهنا ما هو المعهود منه أعني كونه شرطا للوجود الصرف ، حتّى يقال : إنّ كونه شرطا للوجود ثابت وإنّما الشكّ في كونه شرطا للوجوب أيضا فيدفع بالأصل ، ضرورة استحالة كون شرط الوجود الصرف شرطا للوجوب أيضا ، لاستلزامه كون الشيء واجبا وغير واجب ، فإنّ ذلك من جهة كونه شرطا للوجود الصرف يستدعي كون المشروط به بمجرّد الأمر به واجبا وإن لم يكن حاصلا ، ومن حيث كونه شرطا للوجوب يستلزم عدم كونه واجبا بمجرّد الأمر ما دام غير حاصل ، ويلزم ذلك بالنسبة إلى الشرط أيضا على القول بوجوب المقدّمة وهو كما ترى ممّا لا يتعقّل إلاّ على تجويز الجمع بين النقيضين ، بل المراد به الأمر المجمل الدائر بين شرط الوجود بهذا المعنى وشرط الوجوب المقابل له الّذي يعبّر عنه بالقدر المشترك وهو شرط الصحّة ، فإنّ كون الشيء شرطا لصحّة المأمور به إمّا باعتبار أنّه قيد فيه كالطهارة بالنسبة إلى الصلاة ، أو قيد في الأمر كاستطاعة الحجّ.
وعلى كلا التقديرين يلزم من انتفائه انتفاء الصحّة ، ضرورة أنّها عبارة عن موافقة الأمر فهو على فرض كونه قيدا في المأمور به لا موافقة للأمر بدونه.