الصرف لا بين التقييدين.
والفرق بأنّ الشكّ على الأوّل إنّما هو في حدوث التقييد وعدمه ، وعلى الثاني في تعيين الحادث مع القطع بالحدوث ، ووجه استفادة ذلك عدم كون النصاب والاستطاعة من مقدّمات الوجود ، لعدم توقّف حصول الحجّ والزكاة في الخارج عليهما ، بل هما من مقدّمات الوجوب فيكون مورد التوقّف من هذا الباب ، بأن يكون الشكّ في شرطيّة شيء للوجوب مع العلم بعدم كونه شرطا للوجود أصلا ، فيدور الأمر حينئذ بين إطلاق الأمر وتقييده ، ولا يجوز التوقّف إلاّ من القائل بالاشتراك ، ولا ينفعه أصل عدم التقيّد وإنّما ينفع غيره من أصحاب سائر الأقوال.
والفرق أنّه من جهة الاشتراك يرى اللفظ مجملا بالنسبة إلى احتمالي الإطلاق والتقييد ، لثبوت الوضع لكلّ منهما فلا ظهور لأحدهما بالنسبة إلى الآخر ، بخلاف غيره لظهور الإطلاق عنده ولا سيّما على المختار ، وأنّ التقييد احتمال ينفيه الأصل.
ولكن يدفعه : أنّ ذلك احتمال يأباه كلامه مفادا ومساقا ، كيف وقد قسّم الأمر بالنسبة إلى المقدّمات المحرز كونها مقدّمات على كونه مشروطا مقيّدا وجوبه بوجود تلك المقدّمات ، ومطلقا مقيّدا وجود متعلّقه بحصول تلك المقدّمات.
وظاهر أنّ مورد الاشتباه مردّد بين القسمين ، فيكون الأمر فيه دائرا بين تقييدين لثبوت التقييد في كلّ من القسمين ، ولا ينافيه ما ذكر من الأمثلة لأنّها أمثلة ذكرها للقسم الأوّل ، وإلاّ فيعارضه ما ذكره أيضا من جملة أمثلة ما يكون شرطا للوجود الصرف كالوضوء بالنسبة إلى الصلاة.
وعلى أيّ تقدير كان فمنشأ التوقّف إن كان هو الاشتراك بالنظر إلى الإطلاق والتقييد فقد اتّضح فساده بفساد مبناه كما تقدّم ، وإن كان هو الدوران بين التقييدين ولا مرجّح لأحدهما ، فيدفعه : رجحان تقييد الواجب لغلبة وقوعه في الشرعيّات وغيرها ، مضافا إلى أنّه أهون من تقييد الوجوب ، لأنّ إطلاق الأمر على تقديره شمولي لكونه إطلاقا في الأحوال فيشمل جميع الأحوال ، وإطلاق الواجب على تقديره بدليّ في الأفراد فلا يشمل إلاّ الواحد على سبيل البدليّة ، فيدور الأمر بين تقييد المطلق الشمولي وتقييد المطلق البدلي والثاني أهون فيقدّم ، مع أنّه على المختار راجع إلى المجاز والتقييد ، بناءا على ما قرّرناه من عدم استلزام نفي التقييد في المطلقات تجوّزا بخلافه في الأمر ، فإنّه إخراج للّفظ عن