حقيقته إلى مجازه فيرجّح تقييد المأمور به حذرا عن المجاز ، وقد قرّر في محلّه أنّ التقييد أولى من المجاز.
وقد يذكر هنا وجه آخر لترجيح هذا التقييد وهو أنّ حمل المطلق على الإطلاق إنّما هو من جهة السكوت في مقام البيان ، حذرا عن تأخير البيان عن وقت الحاجة المستلزم للإغراء بالجهل ، وإنّما يستقيم ذلك في جانب الوجوب بعد تقييد الواجب بما هو محلّ الشبهة من الشرط ، إذ لو لم نقل بكون المراد بالأمر المطلق الشامل لكلّ من حالتي وجود الشرط وعدمه الإطلاق لمجرّد كون المراد به المقيّد الغير الشامل إلاّ لحالة وجود الشرط للزم الإغراء بالجهل وهو قبيح على الحكيم ، فيكون سكوته عن البيان في مقام البيان دليلا على إرادة الإطلاق ، فتعيّن كون الشرط قيدا للواجب بخلاف ما لو قيّدنا الوجوب بذلك الشرط فلا يجب الحكم بكون المراد بالمأمور به الّذي ظاهره الإطلاق هو الإطلاق ، إذ لولاه مرادا لما يلزم شيء ولا ينافي حكمة الحكيم ، لأنّ السكوت عن البيان إنّما ينافي الحكمة إذا استلزم الإغراء بالجهل وهو غير لازم منه إلاّ في وقت الحاجة ، والواجب إذا كان وجوبه مشروطا ليس له وقت حاجة ما دام مشروطا لعدم كونه واجبا بالفعل ، وإنّما يصير واجبا بعد وجود شرط الوجوب والمفروض في المقام عدمه.
فالسكوت عن البيان بالنسبة إلى الواجب لا يقضي بإرادة الإطلاق بخلافه بالنسبة إلى الوجوب ، فلابدّ حينئذ من تقييد الواجب حملا للأمر على الإطلاق لئلاّ يلزم الإغراء بالجهل.
ولا يذهب عليك أنّ هذا الكلام لا يجري في مثل إقامة الحدود بالنسبة إلى نصب الإمام ، فإنّه لو كان شرطا للوجوب لكان حدوثه شرطا له ، ولو كان شرطا للواجب لكان الشرط بقاءه دون حدوثه خاصّة ، فيدور الأمر حينئذ بين شرطين لمشروطين لا بين مشروطين في شرط واحد ، فحينئذ لا مجال من التوقّف للزوم الإغراء بالجهل لو لا الحمل على الإطلاق في كلّ من جانبي الوجوب والواجب لو اريد بهما خلاف ما يظهر منهما.
أمّا في جانب الوجوب فظاهر ، وأمّا في جانب الواجب فلعدم كفاية تقييد الوجوب بحدوث الإمام في إفادة كون الواجب مشروطا بوجود الإمام وبقائه.
ويظهر الثمرة فيما لو تحقّق شرط الوجوب فقط بفرض حدوث الإمام المتعقّب بانعدامه ، فلابدّ من بيان ذلك الشرط أيضا لئلاّ يلزم الإغراء بالجهل ، وسكوته عنه دليل على عدم كونه شرطا بخلاف ما لا يكون من هذا القبيل ، فإنّ تقييد الوجوب بالشرط