النفسي فهو كذب وافتراء.
غاية الأمر أنّ إيجاد الواجب في الغيري مقصود تبعي وفي النفسي مقصود أصلي ، ومجرّد الفرق بينهما في الواقع لا يوجب اختصاص الحدّ بأحدهما دون الآخر في الظاهر ، مع قيام ما يوجب بظاهره التناول للجميع.
ولو قيل : بورود مثله على ما اخترناه من حدّ الغيري بما أمر به لمطلوبيّة غيره أو لأجل الأمر بغيره ، أو ما وجب لوجوب غيره ، أو لواجب غيره.
لدفعناه : بالفرق بين كون علّة الأمر بالواجب طلب الغير أو الأمر به أو وجوبه ، وبين غيره ، والأوّل هو الحال في الواجب الغيري ، ضرورة أنّه لو لا الامور المذكورة لما تعلّق الأمر به ، و « اللام » ظاهرة فيه دون الثاني لدخولها [ على ] تلك الأمور وهي تفيد العلّيّة في مدخولها بخلاف الواجب النفسي ، فإنّ الأمر به لا يكون معلولا للأمر بشيء آخر. وإن فرض له شيء من الغايات ، كالتقرّب ونحوه إذ لو لا تلك الغاية ملحوظة لتعلّق الأمر أيضا على ما يقتضيه اصول المذهب من اشتمال محلّه على الصفات الكامنة من المصالح والمفاسد النفس الأمريّة.
ثمّ إنّ الواجب قد يكون نفسيّا لا غير ، وقد يكون غيريّا لا غير ، وقد يكون نفسيّا وغيريّا باعتبارين ، وقد يكون نفسيّا ويشكّ في كونه غيريّا أيضا أو لا ، وقد يكون غيريّا ويشكّ في كونه نفسيّا أيضا أو لا ، وقد يثبت وجوبه ويتردّد بين كونه نفسيّا أو غيريّا.
وعلى كلّ تقدير فالدليل الدالّ على وجوبه إمّا لفظي أو لبّي ، فهذه ستّة صور في اثنتين ، والمرتفع اثنتا عشرة صورة ، ولا بحث هنا في ستّة منها وأمّا البواقي فيقع البحث عنها في مراحل :
المرحلة الاولى
فيما علم بكونه واجبا نفسيّا وشكّ مع ذلك في كونه غيريّا بالإضافة إلى واجب غيره ،كستر العورة الثابت وجوبه نفسيّا المشكوك في وجوبه للغير الّذي هو الصلاة ، فإن كان دليل ذلك الغير لفظيّا يرجع الشكّ إلى إطلاق ذلك الدليل وتقييده ، لكونه على تقدير الغيريّة أيضا شرطا لصحّة ذلك الغير فيخرج دليله عن الإطلاق.
ومن البيّن أنّ أصالة الإطلاق محكّمة والتقييد لا يلتزم به إلاّ في مورد الدليل وهو مفروض الانتفاء ، ويبقى أصل البراءة مؤيّدا له.
وإن كان لبّيا يرجع الشكّ إلى شرطيّة شيء للواجب فينبى على ما هو المختار في ذلك.