مع كونه مقدورا * ، وفصّل بعضهم فوافق في السبب وخالف في غيره ، فقال :
__________________
مقدّمة وجوده فتصير واجبة مطلقة.
فعلى هذا يدخل طيّ المسافة وغيره من مقدّمات وجود الحجّ الّذي هو واجب مقيّد قبل تحقّق شرط وجوبه في موضع النزاع ، فكما أنّه بعد تحقّق الشرط يجري النزاع في وجوبه وعدم وجوبه فكذلك قبل تحقّق الشرط ، ولا يعقل التفكيك بينهما.
غاية الفرق أنّ الوجوب المتنازع فيه على الأوّل مطلق وعلى الثاني مقيّد.
نعم لابدّ من تقييدها في الواجب المقيّد بكونها مقدّمة وجوديّة صرفة ليحترز به عمّا تكون مقدّمة للوجوب أيضا مع كونها مقدّمة للوجود (١) لما عرفت من خروج ما يكون مقدّمة للوجوب عن موضع النزاع ، وفي حكمها ما يكون مقدّمة للوجوب والوجود معا ، إذ لا يعقل القول بوجوبها سواء اريد به الوجوب المشروط أو المطلق قبل وجودها أو بعده.
أمّا الأوّل : فلأنّه وجوب شيء بشرط وجوده.
وأمّا الثاني : فلأنّه وجوب المقدّمة قبل وجوب ذيها.
وأمّا الثالث : فلأنّه وجوب شيء بعد وجوده وهو تحصيل للحاصل.
وبما قرّرناه تبيّن فساد ما أفاده بعض الفضلاء بعد ما أخذ قيد « الإطلاق » في عنوان المسألة بقوله : « وإنّما قيّدنا الأمر بكونه مطلقا احترازا عن مقدّمات الأمر المشروط قبل حصول الشرط ، فإنّها لا تجب من حيث كونها مقدّمة له إجماعا ، لظهور أنّ وجوب المقدّمة على القول به يتوقّف على وجوب ذي المقدّمة فيمتنع بدونه ».
ولا يخفى أنّ ذلك صريح في خروج المقدّمات الوجوديّة فإن أراد بعدم وجوبها الّذي قام الإجماع عليه عدم وجوبها المطلق فهو كذلك ، ولكنّه لا وجه لإخراجها عن المتنازع فيه بالمرّة ، إذ النزاع في وجوبها المشروط جار.
وإن أراد به عدم وجوبها مطلقا حتّى الوجوب المشروط
ففيه : ما مرّ ، مضافا إلى أنّه يناقضه قوله ـ في ذيل المسألة ـ : « بأنّ الكلام في مقدّمات الواجب المشروط كالكلام في مقدّمات الواجب المطلق فيجب مقدّماته بالوجوب الشرطي ، حيث يجب مقدّمات الواجب المطلق بالوجوب المطلق ».
* وهذا القيد أيضا واقع في كلام جماعة منهم البهائي رحمهالله إلاّ أنّه قال في الحاشية : إنّ
__________________
(١) وفي الأصل « مع كونها مقدّمة للوجوب » وهو سهو ، ولذا صحّحناه بما في المتن.