لم يكن من محلّ النزاع في شيء ، فإذا كان بنفسه خارجا لا حاجة إلى قيد يخرجه.
ليس بسديد ، لما ذكرناه من أنّ العبرة في العنوان بظاهر اللفظ كما في التعاريف ، ومعلوم أنّ الموصول شامل للقدرة أيضا.
نعم يبقى الإشكال فيه من جهة أنّ خروج هذه الامور من جملة الواضحات الّتي لم تكد تخفى على أحد فلا داعي إلى اعتباره ، ولكن الخطب في ذلك سهل.
ثمّ اعلم أنّ المقدّمة إمّا أن يكون مقدورة للمكلّف بالذات أو غير مقدورة له بالذات.
وعلى الأوّل إمّا أن يطرؤها امتناع بالعارض أو لا.
وعلى الأوّل إمّا أن يكون المانع عقليّا أو خارجيّا أو شرعيّا فهذه خمسة أنواع ، لا يدخل في العنوان المتنازع فيه إلاّ واحد منها وهو الثاني ، لخروج البواقي من غير إشكال.
أمّا الأوّل : فلضرورة استحالة تعلّق الوجوب بما يكون غير مقدور بالذات ، كدخول وقت الفريضة وحضور إمام الجمعة وتمام العدد المعتبر فيها ، من غير فرق في ذلك بين الوجوب المطلق والوجوب المشروط ، مع أنّ تعلّق الحكم التكليفي بما لا يكون فعلا للمكلّف أو يكون فعلا لمكلّف غيره متّضح الفساد.
وأمّا الثالث والرابع : فلانتفاء القدرة المعتبرة في التكليف أيضا فلا تتّصف المقدّمة بالوجوب المطلق إذا طرأها مانع عقلي كالزمن بالنسبة إلى قطع مسافة الحجّ للمزمن ، أو مانع خارجي كالخوف على المال أو النفس بالنسبة إلى طريق الحجّ أيضا عند قيام اللصّ أو العدوّ فيه.
وأمّا الوجوب المشروط فهو ثابت ولكن الشرط هو القدرة على المقدّمة لا وجودها لئلاّ يلزم وجوب الشيء بشرط وجوده ، بل الاشتراط في الحقيقة هو الّذي كان ثابتا بالقياس إلى الاستطاعة ، فإنّها مع قيام ما ذكر غير تامّة فلذا صرّحوا بكون التمكّن عن المسير ممّا له مدخليّة في حصولها.
وأمّا الخامس : فهو أيضا كسابقيه فلا تجب المقدّمة مع قيام المنع الشرعي عنها من ترك واجب أو فعل محرّم ، كترك الواجب المضيّق لفعل الموسّع بناء على كونه مقدّمة ، والركوب على الدابّة المغصوبة في الذهاب إلى الحجّ ، والاغتراف بالآنية المغصوبة في الطهارة الحدثيّة مع الانحصار ، وكذلك استعمال آنية الذهب أو الفضّة للتطهير معه ، لاستحالة تعلّق الوجوب والحرمة بشيء واحد لأدائه إلى التكليف بالمحال من جهة امتناع الامتثال لهما ، مع قبح طلب القبيح على الحكيم الّذي يمتنع عليه فعل القبيح.