وجزم بعض الفضلاء بالثاني ، حيث قال ـ بعد ما جعل وجوب الحجّ من أوّل زمن الاستطاعة أو خروج الرفقة مع توقّف فعله على مجيء وقته ، من باب ما تعلّق وجوبه بالمكلّف وتوقّف حصوله على أمر غير مقدور له ، في مقابلة ما تعلّق وجوبه به ولم يتوقّف حصوله على أمر غير مقدور له كالمعرفة ، وفرّق بينه وبين المشروط بكون التوقّف في المشروط للوجوب وفيه للواجب. وبعبارة اخرى : كون الزمان الّذي هو غير مقدور للمكلّف في المشروط قيدا للطلب والوجوب ، وفيه قيدا للمطلوب والواجب ـ : بأنّه « كما يصحّ أن يكون وجوب الواجب على تقدير حصول أمر غير مقدور وقد عرفت بيانه ، كذلك يصحّ أن يكون وجوبه على تقدير حصول أمر مقدور فيكون بحيث لا يجب على تقدير عدم حصوله ، وعلى تقدير حصوله يكون واجبا قبل حصوله ، وذلك كما لو توقّف الحجّ المنذور على ركوب الدابّة المغصوبة.
فالتحقيق : أنّ وجوب الواجب حينئذ ثابت على تقدير حصول تلك المقدّمة وليس مشروطا بحصولها كما سبق إلى كثير من الأنظار.
والفرق أنّ الوجوب على التقدير الأوّل يثبت قبل حصولها.
وعلى الثاني إنّما يثبت بعد تحقّقها لامتناع المشروط بدون الشرط.
وبعبارة اخرى : حصول المقدّمة على الأوّل كاشف عن سبق الوجوب وعلى الثاني مثبت له » إلى آخر ما ذكره.
ولا يذهب عليك أنّه أيضا قائل بالاشتراط كالمشهور ، إلاّ أنّ المشهور يجعلونه مشروطا بحصول المقدّمة المحرّمة وهو يجعله مشروطا بما يرجع إلى المكلّف من الأحوال اللاحقة به باعتبار بعض الاعتبارات ، ككونه بحيث يأتي بالمحرّم ولكنّه شرط تقديري لا يعلم بتحقّقه وعدمه إلاّ بحصول الإتيان منه فعلا وعدم حصوله ، فعلى الأوّل يكشف عن تحقّق شرط الوجوب قبله ويلزمه سبق الوجوب على الحصول.
وعلى الثاني يكشف عن انتفاء شرط الوجوب عنه ، ويلزمه عدم وجوب أصلا. وربّما ينزّل ما عن كشف الغطاء من التعليل إلى هذا المذهب ، وهو ـ على تقدير كون عبارته ما ذكر ـ بعيد ، إلاّ أن يرجع العزم الّذي في العبارة المحكيّة إلى ما ذكره الفاضل المذكور من الاعتبار اللاحق بالمكلّف.
وعلى أيّ تقدير كان فهو دعوى لا شاهد عليها ، والاشتراط بأصل الحصول ـ كما