عليه المشهور ـ أقرب بالاعتبار ، كما أنّه أظهر من العبارة الصادرة في مقام الخطاب من غير فرق بين صورتي تقديم الأمر على الشرط وتأخيره عنه ، بأن يقال : « افعل كذا إن أقدمت على المعصية » أو « إن أقدمت على المعصية فافعل كذا » فإنّ المنساق منهما في العرف واحد وهو اشتراط حدوث الوجوب بحصول المعصية في الخارج ، كما هو الحال في قولك : « أكرم زيدا إن جاءك » و « إن جاءك زيد فأكرمه » وكأنّ توهّم الاشتراط بذلك دون الحصول نشأ عن أصل فاسد يأتي في بحث الضدّ بيانه وبيان فساده ، إن شاء الله تعالى.
فالأقوى إذن بالنسبة إلى الأمثلة المذكورة هو اشتراط الوجوب بحصول فعل الحرام ولا يكفي فيه مجرّد العزم على المعصية ، كما يلوح عمّا حكى عن كشف الغطاء.
هذا كلّه بناء على المماشاة مع القوم ، وإلاّ فلنا في أصل اشتراط الوجوب بشيء كائنا ما كان كلام يأتي في ذيل البحث.
والتحقيق : أنّ الحرام في كونه مقدّمة يكون نظير الوقت وغيره ممّا يكون خارجا عن قدرة المكلّف ، ضرورة أنّ المنع الشرعي يوجب سلب القدرة كالمنع العقلي فيكون حال ذي المقدّمة في اتّصافه بالوجوب نظير حال سائر الواجبات بالقياس إلى مقدّماتها الغير المقدورة ـ على ما يأتي تحقيقه في ذيل المبحث ـ ولا يلزم من ذلك اتّصاف المقدّمة بالوجوب حتّى يكون منشأ للإشكال كسائر المقدّمات الغير المقدورة.
فبما تقرّر تبيّن أنّ ما اعتبره الفاضل المذكور في عنوان المسألة زيادة على قيد « الإطلاق » بالنسبة إلى الأمر من كون المقدّمة جائزا ليحترز به عن أمرين : أحدهما : المقدّمة المحرّمة سواء انحصرت فيه أو لا.
وثانيهما : المقدّمة الغير المقدورة سواء انحصرت فيه أيضا كحضور أيّام الحجّ بالنسبة إلى أفعاله ، أو لم تنحصر كسير المزمن ماشيا مع تمكّنه منه راكبا.
أمّا الأوّل منهما : فلأنّ الأمر بالنسبة إلى المقدّمتين ـ المقدّمة المحرّمة ، وغير المقدورة في صورة الانحصار ـ مطلق وليس مشروطا بحصولهما ، وإن كان مشروطا بالنسبة إلى الاعتبار اللاحق بالمكلّف من كونه في الأوّل ممّن يأتي بالحرام. وفي الثاني ممّن يبلغ الزمن اللاحق.
وأمّا الثاني : ففي الأوّل لاستحالة تعلّق الأمر والنهي بشيء واحد وفي الثاني لاستحالة الأمر بغير المقدور ولو على وجه التخيير ، قائلا : « بأنّ وجه الاحتراز عن ذلك أنّ الجواز حكم شرعي لأنّه جنس للأحكام الأربعة ، والحكم الشرعي لا يتعلّق بغير المقدور » ليس