جواز اجتماع الحرام مع الفرد الّذي هو مقدّمة للكلّي المأمور به على القول بعدم وجوب المقدّمة ، فإنّ الفرد على تقدير كونه مقدّمة للكلّي متّحد معه في الوجود الخارجي فكيف يجوز اجتماعه مع الحرام ولو على القول بعدم وجوب المقدّمة ، مع أنّ اجتماعه معه يستلزم اجتماع ذي المقدّمة الّذي هو واجب لا محالة ، إذ المفروض أنّه لا تميّز بينهما بحسب الوجود الخارجي أصلا ، فعروض الحرمة لأحدهما عروض للآخر لما بينهما من الاتّحاد ، فلأجل عدم الامتثال بأحدهما لا يحصل الامتثال بالآخر وإلاّ للزم حصول الامتثال وعدمه وهو كما ترى.
هذا على الغضّ عن منع كون الفرد مقدّمة للكلّي وإلاّ فعلى التحقيق المتقدّم في بعض المباحث السابقة يتضاعف فساد هذا الكلام جزما.
ومنها : ما قيل أيضا في المقدّمة إذا كانت من العبادات الموقوفة صحّتها على الأمر ، كالوضوء لمسّ كتابة القرآن مثلا إذا وجب بالنذر وشبهه ، بناء على أنّه لا يتعلّق بما هو محرّم منه والمباح منه مشروط وجوده بالطهارة فيكون الوضوء بالنظر إليه مقدّمة لوجود الواجب ، فعلى القول بوجوب المقدّمة يقع الإتيان به صحيحا لو حصل لأجل المسّ ، لأنّ الأمر الّذي ينوط به صحّة العبادة أعمّ من النفسي والتبعي والأصلي والغيري.
وقضيّة ذلك حصول الوفاء بالنذر أيضا لو أتى بالمنذور ، بخلافه على القول بعدم الوجوب فلا يقع الوضوء صحيحا لانتفاء ما هو مناط الصحّة ، بل يقع محرّما من جهة البدعة.
وقضيّة ذلك عدم حصول الوفاء بالنذر لعدم إمكانه مع عدم صحّة مقدّمة مورده ، فحينئذ لا مناص من القول بعدم انعقاد النذر عن أصله فلا وجوب للمسّ بل يحرم على التقدير المذكور ، أو دعوى انعقاده مشروطا بتمكّنه عن الطهارة الحاصلة بسبب صحيح من أسبابه إن كان في وقت موسّع ، وإلاّ فلابدّ من الالتزام بكون الناذر معذورا في عدم إتيانه بالمنذور حيث لم يتمكّن عنه من جهة حرمته بدون مقدّمته ، والمفروض عدم صحّة المقدّمة.
وفيه : أيضا ما لا يخفى من خروجه عن قانون الثمرات ، لأنّ المقدّمة إذا كانت من مقولة العبادات إن كان لها بنفسها رجحان ذاتي يقضي بطلبها الندبي الغير المانع عن النقيض ، فلا إشكال حينئذ في حصول الامتثال بها ووقوعها على وجه الصحّة لو قصد الإتيان بها لأجل الطلب الندبي الغير المانع ، فيترتّب عليه جواز المسّ سواء قيل بوجوب المقدّمة الزائد على ذلك الطلب الندبي النفسي أو قيل بعدمه ، فلا يتفاوت الحال أصلا.
وإن لم يكن لها رجحان ذاتي يوجب الطلب الندبي الغير المانع ، فلا يجدي وجوبه