التوفيقيّات ، للجزم بأنّ مستنده ليس هو السماع من المعصوم ، بل هو من النظريّات المبنيّة هنا على بعض الامور المذكورة الّتي ستعرف ضعفها ، فلا يندرج تحت ما دلّ الشرع على وجوب التعبّد به ولا سيّما مع ملاحظة فساد مدركه ، بل وفساد أصله ومبناه حيث إنّ ناقله الآمدي من العامّة فلا ينقل إلاّ ما هو على طريقتهم الفاسدة عندنا.
ولو سلّم أنّ السيّد أيضا من جملة النقلة فالاعتماد عليه في المسائل العقليّة والمطالب النظريّة غير ثابت الوجه ، وكونه مفيدا للظنّ غير مجد بعد تطرّق القدح في اعتبار الظنون بالنسبة إلى أمثال المقام.
وعن الثالث : بأنّ قوله : « وأنّ القدرة غير حاصلة مع المسبّبات » ، يفسده : أنّ الّذي لا يحصل عليه القدرة ما إذا لوحظ المسبّب بشرط عدم السبب وأمّا إذا لوحظ لا بشرط فلا ، ضرورة كونه حينئذ مقدورا بواسطة القدرة على السبب ، فالمكلّف فيه بحيث إن شاء فعل بإيجاد سببه وإن شاء ترك بترك سببه.
ودعوى : أنّ القدرة لابدّ وأن تكون بغير واسطة ممّا يكذّبه العقل والنقل ، كيف ولو صحّ ذلك لجرى في الشروط أيضا ضرورة عدم القدرة على المشروط بلا واسطة الشرط فبطل الفرق جدّا.
وأمّا قوله : « فيبعد تعلّق التكليف بها وحدها » إن اريد به مجرّد الاستبعاد العقلي ، ففيه : مع أنّه ضروري المنع ، أنّه لا يصحّ الاستناد إليه أصلا ولا سيّما في نظائر المقام.
وإن اريد به الامتناع العقلي فقد اتّضح فساده ، فإنّ الامتناع إنّما يلزم إذا اعتبر الوحدة قيدا في المكلّف به حتّى يكون مفاده عدم تجويز الإتيان بغير المسبّبات ولو كان أسبابا لها ، وأمّا لو اعتبرت حالة لتعلّق التكليف فلا.
وعن التقرير الآخر : يظهر ممّا مرّ ، ونزيد هنا أيضا أنّه إن اريد به أنّ القدرة المعتبرة في التكليف لابدّ وأن تكون بلا واسطة ، فيردّه : أنّه خلاف بديهة العقل والنقل.
وإن اريد أنّ القدرة مع المسبّب منتفية بالمرّة حتّى ما كانت منها مع الواسطة ، ففيه : أنّ الوجوب والامتناع إنّما ينشآن عن اعتبار المسبّب بشرط شيء أو بشرط لا ، وأمّا إذا اعتبر لا بشرط فهو ممكن لتساوي طرفيه بالنسبة إلى الاختيار.
غاية الأمر أنّه في كلّ من طرفي وجوده وعدمه يفتقر إلى وسط ، ومعه يجب أو يمتنع ، وهو لا يوجب خروجه عن حيّز الاختيار ، لما قرّر في محلّه من أنّ الوجوب والامتناع بالاختيار لا ينافيان الاختيار ، مع أنّ المشروط أيضا ممّا يمتنع بدون شرطه فلا يكون مقدورا.
والفرق بينه وبين المسبّب بعدم وجوبه بوجود الشرط ممّا لا يلتفت إليه ، كيف وأنّ