القدرة المعتبرة في تعلّق التكليف لا تتأتّى إلاّ بتساوي الطرفين في الاختيار ، ولو سلّم فالشرط إذا وقع جزء الأخير من العلّة يعامل معاملة السبب فينبغي أن يكون واجبا ، مع أنّه لو تمّ لقضى بوجوب السبب خاصّة ، ضرورة أنّ إيجاب السبب لا يؤثّر في القدرة على المسبّب ، فلو فرض أنّه مع عدم وجوب السبب غير مقدور فكذلك مع وجوبه ، وهو مع فساده بنفسه ممّا لا يرضى به هذا القائل.
وعن الرابع : بأنّه متشابه المقصود فإن اريد بوجوب التوصّل إلى الواجب وجوب إيجاد ما يتوصّل به إليه فهو أوّل الدعوى ، والإجماع عليه واضح المنع.
وعلى تقديره فتخصيص الحكم بالسبب تحكّم وإخراج الشرط استنادا إلى ما دلّ على عدم الوجوب تعسّف ، لأنّ ما دلّ على ذلك فقد دلّ في المقدّمة مطلقا لا في الشرط خاصّة إلاّ أن يكون المقصود بذلك الجمع بين المتعارضين ، وما ذكر من التفصيل طريق جمع.
وفيه : أنّ ذلك قاعدة تجري في التعبّديّات خاصّة ومحلّ البحث من النظريّات ، مع أنّه لا يستقيم إلاّ بارتكاب تخصيص في كلا المتعارضين والمقام غير قابل له في شيء من الطرفين ، ولو سلّم فالعكس أيضا ممكن.
ولذا تنبّه المحقّق على تعكيس الدليل : بأنّ الإجماع حاصل على وجوب التوصّل وليس بالسبب لما ذكر فيكون بالشرط.
وإن اريد به وجوب تحصيله وإيجاده في الخارج فهو مسلّم والإجماع عليه ثابت ، ولكنّه بالنسبة إلى محلّ البحث لا يجدي نفعا لبقاء الواسطة غير معلوم الحكم كما لا يخفى.
وعن الخامس : بأنّه لو تمّ لقضى بكون السبب هو المقصود بالطلب وإن تعلّق الأمر ظاهرا بالمسبّب وهو عدول عمّا هو من محلّ البحث إلى ما هو خارج عنه.
ومع الغضّ عن ذلك فمقتضاه التفصيل في الأسباب أيضا لا إطلاق القول بوجوبها ، لأنّ من المسبّبات ما يعدّ فعلا للمكلّف ويدخل في جملة حركاته الإراديّة كالكون على السطح المترتّب على الصعود من درجات السلّم ونحوه.
ومع الغضّ عن ذلك أيضا فمورد الدليل خارج عن أصل عنوان المسألة ، وذلك لأنّ الكلام في وجوب مقدّمة الواجب ولا يكون واجبا إلاّ ما كان من مقولة فعل المكلّف ، واللوازم التابعة له الخارجة عن اختياره ليست منها وإن كانت تسند إليه في بعض الأحيان ، فإنّه إسناد مجازيّ لا عبرة به في الخطابات الشرعيّة ، كيف ولا يعقل تعلّقها بما لا يكون فعلا.
بل الّذي يساعده النظر الصحيح أنّ المقصود بالذات من الطلب إنّما هو إيجاد الأسباب ،