ولا يتأتّى ذلك إلاّ بالخروج الآن فيجب من باب المقدّمة ، وهو كما ترى أمر لا ينكر ولا ربط له بموضع الشبهة ، إذ لا ينكر أحد وجوب بعض المباحات بالعارض من جهة كونه مقدّمة لواجب أو من جهة النذر وشبهه ، أو من جهة إجارة ونحوها.
ولو سلّم كونه من جزئيّات الشبهة.
فيدفعه : منع استناد الترك حينئذ إلى فعل الضدّ أيضا ، بل هو مستند إلى انتفاء شرط من شروطه كما تنبّه عليه المحقّق الخوانساري ، وقال : « بأنّا نفرض أنّ في وقت مثلا وجد الشوق إلى الزنا لكن لم يصل إلى حدّ الإجماع ، فحينئذ عدم الزنا حاصل لعدم الإجماع الّذي هو علّته التامّة من دون توقّف على وجود المانع ، ويمكن في هذه الصورة أن يعلم أنّه إذا لم يشتغل بالصلاة مثلا يقوي ذلك الشوق ويصل إلى حدّ الإجماع ويحصل الزنا في الزمان اللاحق فيشتغل بالصلاة في الوقت السابق ، لأنّ الاشتغال به ممكن إذ المفروض أنّ عدم مانعه متحقّق ، بناءا على عدم الإجماع وبعد الاشتغال بالصلاة يغيّر الشوق ولم يصل إلى حدّ الإجماع ، فيتحقّق عدم الزنا في الزمان اللاحق أيضا بناءا على عدم شرطه. ولا وجود مانعه » انتهى.
وبما قرّرنا في ردّ الجواب المذكور يظهر فساد جواب آخر ذكروه عن الاستدلال ، وهو أنّ فعل المباح غير متعيّن لكونه يحصل به ترك الحرام ، وذلك لأنّه كما يحصل ترك الحرام بالمباح كذلك يحصل بالواجب والمندوب ، فيكون الواجب أحد ما يحصل به ترك الحرام فلا يكون المباح على التعيين واجبا.
كما يظهر فساد جواب ثالث ذكره جماعة من الأعلام ، وهو : أنّ ذلك ليس بمقدّمة مطلقا إذ الصارف يكفي في ترك الحرام.
ووجه الفساد : أنّ ذلك لا ينافي اتّصاف المباح بالوجوب تخييرا.
وإلى ذلك أشار بعض شرّاح المختصر بقوله : إنّا نسلّم أنّ الواجب أحد ما يحصل به ترك الحرام ، فما فعله أعني المباح واجب لأنّه أحد ما يحصل به ترك الحرام.
ومنها : لو وجبت لوجبت نيّتها ، والتالي باطل للإجماع على عدم وجوب نيّة المتوضّي غسل جزء من الرأس مثلا.
والجواب : منع الملازمة بين الوجوب والنيّة المذكورة ، سواء اريد بها قصد أصل الفعل أو عنوانه.
أمّا الثاني : فلما قرّرناه في محلّه من أنّ الأصل عدم وجوب قصد الوجوب في