الملازمة : أنّه مع انتفاء الوجوب ـ كما هو المفروض ـ يجوز تركه. وحينئذ فإن بقي ذلك الواجب واجبا لزم تكليف ما لا يطاق ؛ إذ حصوله حال عدم ما يتوقّف عليه ممتنع. وإن لم يبق واجبا خرج الواجب المطلق عن كونه واجبا مطلقا. وبيان بطلان كلّ من قسمي اللاّزم ظاهر.
__________________
هو صحيح ، ومنها ما هو مزيّف ، ولنقدّم الصحيح منها ، وهو على ما ذكره جمع من الفحول مع ما وصل إليه بالنا الفاتر وجوه :
الأوّل : الجزم الضروري بأنّ من خاطب عبذه أو غيره ممّن له صلاحيّة التكليف ، وقال : « بأنّي أطلب منك شراء اللحم مثلا طلبا حتميّا ولكنّي أرضى بأن تمشي إلى السوق أو لا تمشي » لنسبه العقلاء إلى سخافة الرأي ورموه بقلّة العقل ، والسرّ في ذلك أنّ الرضاء بترك المقدّمة وفعلها معا مع العلم بكونها ممّا لابدّ منها وأنّه لا طريق إلى ذيها سواها في معنى الرضاء بترك ذيها وفعله ، وهو ممّا لا يكاد يجتمع مع طلب فعله الحتمي عقلا ، فإظهاره بعد الطلب المذكور لا يصدر إلاّ ممّن لا رأي له ولا عقل ، وهو آية الوجوب إذ لا نعني بالوجوب إلاّ ما لا يصحّ الرضاء بتركه ممّن يوجبه.
الثاني : قضاء الوجدان في إيجاب كلّ شيء بأنّ بين الآمر ومقدّمة مطلوبه نسبة وارتباطا لو التفت إليها وإلى تلك النسبة ـ وهي كونها ممّا لابدّ منها لأداء مطلوبه وطريقا إلى الوصول إليه ـ لأرادها فعلا وطلبها تفصيلا على حسب إرادته وطلبه لمطلوبه ، فانتفاء الإرادة الفعليّة والطلب التفصيلي إنّما هو لانتفاء الالتفات التفصيلي إلى تلك النسبة ، لا لملازمة عدم الوجوب للمقدّمة ـ فلذا تراه عند الالتفات مصرّحا بطلبها تصريحه بطلب ذيها جامعا بينهما في الطلب والإلزام ، قائلا عند الأمر باشتراء اللحم أو الكون على السطح : « ادخل السوق واشتر اللحم ، وانصب السلّم وكن على السطح » فنجد أنّ النسبة بينه وبين المقدّمة عند التصريح بطلبها هي النسبة بينه وبينها عند عدمه من غير فرق بينهما إلاّ في الالتفات وعدمه.
لا يقال : إنّ ذلك تفصيل في وجوب المقدّمة مبنيّ على الالتفات وعدمه وهو خارج عمّا بين أقوال المسألة منفيّ باتّفاق أصحابها.
لأنّا نقول : إنّ الوجوب الشأني والطلب الإجمالي ثابت على جميع التقادير وهو كاف في ثبوت وجوب المقدّمة بالمعنى المتنازع فيه على ما سنقرّره.