المقدّمة باقيا أو مرتفعا فعلى الأوّل يلزم التكليف بما لا يطاق ، وعلى الثاني خروج الواجب المطلق عن كونه واجبا مطلقا ، واللازم بكلا قسميه باطل.
وتوضيح تقرير الاستدلال : أنّ المراد بقولهم : « لو لم يجب المقدّمة » أنّه لو لم يمنع عن ترك المقدّمة لجاز تركها ، أي لما كان في تركها حرج وضيق ، إذ الوجوب إنّما يرتفع إمّا بارتفاع فصله ، أو ارتفاع جنسه ، أو ارتفاع فصله وجنسه معا ، وأيّ تقدير كان فلازمه جواز الترك بالمعنى المذكور.
وقولهم : « وحينئذ » محتمل لوجوه ثلاث ، وهي : حين إذ جاز ترك المقدّمة ، أو حين إذ ترك المقدّمة ، أو حين إذ جاز الترك وترك ، ولك أن تعبّر عن ذلك بقولك : « حين إذ ترك المقدّمة الجائز تركها » والفرق بين التعبيرين لفظي والمقصود بهما أنّ الوجه الثالث جمع بين الجزئين اللذين اكتفى بواحد منهما في الوجهين ، وطريق الجمع إمّا تركيب أو تقييد.
وهذه الاحتمالات ممّا فهم الأوّل منها المصنّف.
فردّه : بأنّ جواز الترك لا دخل له في لزوم التكليف بما لا يطاق ، ضرورة ترتّبه على نفس الترك وجوازه لا يستلزمه ، فلذا قال : « بأنّ البحث إنّما هو في المقدور وتأثير الإيجاب في القدرة غير معقول » يعني أنّ الواجب إنّما يصير غير مقدور بسبب ترك مقدّمته ، وإيجاب المقدّمة لا يصيّر غير المقدور مقدورا أو أنّ البحث في مقدّمة الواجب إنّما هو في المقدّمات المقدورة ، والقدرة عليها لا تنوط بإيجابها فجواز تركها لا يوجب زوال القدرة عنها ، فلا يستلزم التكليف بما لا يطاق لاستلزام القدرة عليها القدرة على الواجب ، وهي في اشتراط التكليف بها أعمّ ممّا كان بواسطة.
أو أنّ التكليف بما لا يطاق منوط عدم لزومه بالقدرة على الواجب ، وهي حاصل بسبب القدرة على مقدّمته والقدرة على المقدّمة غير منوطة بإيجابها ، بل هي حاصلة على تقدير عدم الوجوب أيضا ، نظرا إلى أنّ النزاع في المسألة والبحث عنها في المقدّمات المقدورة وكلّ من المثبت والنافي يتكلّم فيها بعد إحراز كونها مقدورة كما سبق تحقيق القول في ذلك.
وحاصله اختيار الشق الأوّل ومنع لزوم التكليف بما لا يطاق.
ولكن ظاهر تقرير الاستدلال بقرينة قوله : « فإن بقى الوجوب لزم التكليف » هو الاحتمال الثاني ، لأنّ ذلك ترديد يرتبط بالترك لا بجوازه.
وعلى أيّ حال كان فتحقيق الجواب أن يقال : بأنّا نختار كلاّ من الشقّين ، فإن اخترنا