لهم دون الأمر » انتهى.
فتبيّن أنّ أقوالهم في ذلك ثلاث ، وظاهر أنّ شبهة المنكر لابدّ وأن تكون ناشئة من توهّم فقد المقتضي أو زعم وجود مانع عقلي أو شرعي بحيث أوجب تخصيصا في عمومات المقتضي على تقديره ، أو تقييدا في مطلقاته ، أو تأويلا في نصوصه على حسبما يساعد عليه أدلّتهم الآتية.
والّذي يظهر من أكثر العناوين بل هو صريح جماعة من العامّة وبعض الأعاظم ، أنّ هذه المسألة وإن كانت مفروضة في تكليف الكفّار بفروع الإسلام إلاّ أنّها أعمّ موضوعا من ذلك ، لبنائها على أنّ الشروط المعتبرة في الصحّة شرعا الّتي منها الإسلام هل هي شروط في التكليف فبدونها لا تكليف حتّى الطهارة بالقياس إلى الصلاة ، أو شروط في صحّة الفعل خاصّة وإن ثبت التكليف بدونها؟
وقد يقال : إنّ ذلك بالنسبة إلى تكليف الكفّار اختلاف لا ثمرة له في أحكام الدنيا للاتفاق على أنّهم ما دام الكفر يمتنع منهم الإقدام على الصلاة وإذا أسلموا لم يجب عليهم قضاؤها.
بل يظهر ثمرته في الآخرة وهي أنّهم يعذّبون على ترك هذه الفروع كما يعذّبون على ترك الإيمان أو لا؟
ثمّ إنّ الّذي يظهر عن بعضهم أنّ معنى كونهم مكلّفين بالفروع أنّهم يخاطبون بها كما يخاطب المؤمنون فيعاقبون على المخالفة.
ويظهر من غير واحد من العامّة أنّ معنى ذلك : أنّهم يعاقبون عقاب المخاطب وإن لم يكونوا مخاطبين ، والأوّل أسدّ وأنسب بالأدلّة المقامة من الطرفين لقضاء الجميع بتعلّق الخطاب على طريق المطابقة أو الالتزام كما يظهر بأدنى تأمّل فيها ، مضافا إلى أنّ العقاب فرع المعصية وهي تابعة للخطاب فلا ينبغي لعاقل تجويز تحقّق الفرع بدون تعلّق الأصل أو تخيّل تعلّق التابع من دون تحقّق المتبوع.
ثمّ إنّ محصّل النزاع بالنظر إلى الصور المتقدّمة في الامتناع بالاختيار يرجع إلى أنّ الكفّار بعد اختيار عدم الإيمان الموجب لامتناع الفروع منهم صحيحة قادرون على إزالة الكفر حتّى يكون الإيمان من شرائط الصحّة المحضة ، أو غير قادرين عليها حتّى يكون من شرائط التكليف؟
فعلى الأوّل يتعيّن تكليفهم كما أنّه على الثاني يتعيّن عدمه إلاّ على مذهب من يجوّز التكليف بالمحال كالأشاعرة ، وكأنّهم يخالفون أصحابنا في المسألة من هذه الجهة ، فإنّ