منوطا بتركه لا بتركها كما يعترف به في ذيل كلامه عند تقرير الإشكالين.
وثانيا : أنّ فرض الكلام في النائم لا يكاد يجديه في المقام أصلا ، إذ استحقاق العقاب قد حصل عند ترك الذهاب سواء كان نائما بعد ذلك في زمان الفعل أو لا ، مع أنّ النوم في حدّ نفسه غير مناف لحصول الاستحقاق من حينه الّذي هو زمان الفعل ، وما ذكره من أنّ أفعال النائم لا تتّصف بالحسن والقبح بالاتّفاق إنّما يسلّم إذا استندت الأفعال إلى نومه ليس إلاّ ، وأمّا إذا استندت إلى إرادته الاختياريّة السابقة على النوم فلا ، لكونها اختياريّة على هذا التقدير نظير سائر التوليديّات المستندة إلى الأفعال الاختياريّة المتّصفة بالحسن والقبح لأجل ذلك.
ومحلّ البحث من هذا الباب لكون النوم لاحقا بترك المقدّمات ، وترك الحجّ مستند إليه وهو اختياريّ جدّا.
ثمّ إنّ ما ذكره في دفع الإشكال الأوّل أيضا لا يترتّب عليه إلاّ بقاء مدّعاه غير ثابت بما قرّره من الدليل ، أو بقاء الإشكال غير مندفع ، وذلك لأنّ الإفضاء إلى ترك الحجّ الّذي اعتبره مع ترك المقدمات إمّا أن يكون هو ملاك استحقاق العقاب فهو حدّ مشترك بين تقديري وجوب المقدّمات وعدم وجوبها ، وليس لذلك مزيد اختصاص بالوجوب حتّى يكون منتفيا بفرض عدمه ، بل القائل بنفيه أيضا يقول باستحقاق العقاب على ترك المقدّمات من هذه الجهة ، أو يكون ترك المقدّمات ملاكا في ذلك فيبقى اعتبار الإفضاء معه خاليا عن الفائدة مع بقاء الإشكال بحاله ، وإن كان المجموع من حيث المجموع فهو أيضا لا ينوط بفرض الوجوب في المقدّمات ، لأنّ ذلك إنّما هو من باب العلّيّة وتأثير الإيجاب فيها غير معقول ، ضرورة أنّها من مقتضيات ترك المقدّمات مع وصفها العنواني الثابت لها على كلّ تقدير ، ففرض الوجوب وصف زائد لا يورث عدمه أثرا.
وأمّا ما أفاده عقيب قوله : « وبالجملة » فهو اعتراف منه بضدّ مطلوبه من غير شعور ، لأنّه إذا كان استحقاق العقاب من مقتضيات ترك الواجب سواء كان ناشئا عن اختيار نفس الترك أو اختيار سببه من دون مدخليّة لشيء آخر فيه ، فأيّ شيء يدعو إلى اعتبار الوجوب في مقدّماته ، إذ السببيّة ثابتة لتركها سواء فرضتها واجبة أو لا ، بل الوجوب حينئذ مؤنة زائدة يحتاج إلى دليل ، وما تصدّى بإنهاضه ـ مع تطويل في تقريره بلا طائل ـ لا يوجبه ، لأنّ أقصى ما يلزم من ذلك اعترافه ترتّب استحقاق العقاب على ترك المقدّمات وقد أعرض