حكمهما بالإثبات والنفي ، إلاّ أن يرجع ذلك إلى ما نبّهنا عليه عند تقرير الأدلّة من أنّ الرضاء بترك المقدّمة مع العلم بالمقدّمية في معنى الرضا بترك ذيها بل يستلزمه ، وهو يناقض عدم الرضا بتركه على ما هو من لوازم وجوبه ، ولمّا كان ذلك محالا فلا جرم يكون شأن المقدّمة أيضا عدم الرضا بتركها وان لم يلتفت إليها على جهة التفصيل ، ولكنّه إرجاع بعيد عن سوق العبارة كما لا يخفى.
ورابع عشرها : ما حكاه المحقّق الخوانساري من أنّه لو لم يجب لصحّ الفعل بدونها وهو محال ، لامتناع وجود الموقوف بدون الموقوف عليه.
وفيه : أنّ المراد بالوجوب إمّا الوجوب العقلي الثابت للمقدّمة على كلّ تقدير وهو كونه من لوازم وجود ذيها ، أو الوجوب الشرعي بالمعنى الّذي وقع النزاع فيه ، فإن كان الأوّل فكلّ من الملازمة وبطلان اللازم مسلّم ولكنّه لا ربط له بمحلّ البحث ، حيث لا تلازم بين الوجوبين.
وإن كان الثاني فالملازمة ممنوعة ، كيف وصحّة الفعل بمعنى إمكانه العقلي لا يتوقّف على وجوب ما يتوقّف عليه ، بل يتوقّف على وجوده وهو ليس لازما للوجوب حتّى يلزم انتفاؤه على فرض عدمه ، كما أنّ صحّتها الشرعيّة بالنسبة إلى المقدّمات الشرعيّة لا تتوقّف على وجوب تلك المقدّمات بل على وجودها ، وهو لا يستلزم الوجوب.
وخامس عشرها : ما حكاه المحقّق المذكور أيضا من أنّ المقدّمة لابدّ منها في الفعل فيمتنع تركها ، وممتنع الترك واجب ، والواجب مأمور به ، فالمقدّمة مأمور لها.
وجوابه : يظهر ممّا مرّ بأنّ ممتنع الترك في إيجاد الفعل يستلزم الوجوب العقلي ، ولا ملازمة بينه وبين كونه مأمورا به.
وسادس عشرها : ما نقله أيضا عن بعض محقّقي المتأخّرين من القطع بذمّ السيّد الآمر بالكتابة العبد القادر على تحصيل القلم التارك لها المعتذر بفقد القلم ، أو عدم إيجاب تحصيله على ترك تحصيله ، ولولا فهم وجوبه من الأمر لما ذمّ ويقبل عذره.
واجيب عنه : بأنّ لحوق الذمّ له باعتبار ترك الواجب مع قدرته عليه ، وعدم قبول العذر بعدم إيجابه من جهة أنّ عدم إيجاب الآمر له لم يدفع قدرته على الفعل الّتي تصحّح ذمّ التارك.
وسابع عشرها : ما حكاه أيضا عن السيّد البحراني من أنّ الأحكام منوطة بالمصالح لزوما عند العدليّة وعادة عند غيرهم ، والمقدّمة لكونها وسيلة إلى الواجب المشتمل على