يقع الإتيان به على وجه الصحّة لئلاّ يلزم تكليف ما لا يطاق ، بخلاف سائر المقدّمات فإنّ الواجب مع انحصارها في المحرّمة ربّما يقع صحيحا ، فكما في غير ما لو كانت بحسب الوجود الخارجي مقارنة له كالعلّة أو الجزء الأخير منها ، لما تقدّم تحقيقه من أنّ الواجب حينئذ مشروط وجوبه بحصول تلك المقدّمة فلا وجوب له ما لم تكن حاصلة لعين ما ذكر ، وأمّا إذا حصلت عصيانا أو نسيانا تعلّق به الوجوب إذ لا مانع عنه حينئذ أصلا والمفروض أنّ المانع الأوّل قد ارتفع.
وقضيّة ذلك كون الإتيان به على وجهه موجبا للصحّة لتحقّق جميع مقتضياته وفقد موانعه.
وإنّما فرقنا في ذلك بين الأجزاء وسائر المقدّمات لأنّ جزء الشيء في الحصول الخارجي لا ينفكّ عنه فلا يعقل اشتراط وجوبه بحصوله ، لأنّه إذا حصل على غير جهة المأمور به فالّذي يتعلّق به الوجوب بعد حصوله إمّا هو مع انضمام الباقي إليه أو الباقي فقط ، ولا سبيل إلى شيء منهما.
أمّا الأوّل : فلاستلزامه المحذور السابق من لزوم التكليف بما لا يطاق.
وأمّا الثاني : فلمنافاته جزئيّة ذلك الحاصل ، مع أنّ فرض الحصول للجزء مقدّما على حصول الباقي إنّما يصحّ فيما لو كان بين الأجزاء ترتيب بحسب الوجود الخارجي ، كأجزاء الصلاة والطواف وكان ذلك الحاصل أوّل مرتبة الأجزاء وإلاّ ففي غير ذلك لا يعقل فيه سبق الحصول مطلقا كما لا يخفى.
فالمانع حينئذ هو المحذور الأوّل ، كما هو المانع فيما له مقدّمة مقارنة له في الوجود الخارجي وكانت محرّمة ، إذ لا يعقل فيها سبق الحصول على حصوله حتّى يكون بعد حصولها عصيانا أو نسيانا مقدورا على تحصيله.
وخامسها : ما كانت أجزاؤه حدثيّة مع عدم اعتبار الهيئة التركيبيّة في المطلوبيّة كصيام شهر رمضان وإطعام ستّين مسكينا ونزح سبعين دلوا وإخراج المقدار المعيّن من مال الزكاة ، فإنّ الامتثال في كلّ ذلك كما أنّه يتأتّى بالمجموع فكذلك بالبعض ولكن بحسبه.
والوجه في ذلك : أنّ الهيئة الاجتماعيّة حين إرادة الأمر قد تلاحظ موضوعا للحكم فلا يتعلّق الطلب إلاّ بها ، ولا يخرج الأبعاض إلاّ مخرج المقدّمات لحصولها كما في النوع السابق ، وقد تلاحظ عنوانا لما هو موضوع الحكم ـ وهو الأبعاض فيتعلّق الطلب بكلّ