الوقت لولا وقوعها فيه لصار الواجب بعده مضيّقا فامتنع أداؤه مع أداء مقدّمته ، لكون المقدّمة الّتي يفضي تركها إلى ترك الواجب هي الّتي تقع في هذا الجزء من الأجزاء المتدرّجة دون ما يقع في الجزء السابق عليه إلى أوّل أجزاء الوقت ، وهذا ممّا لم يقل به أحد ولا أنّ المستدلّ راض به.
وثانيا : أنّ ذلك إنّما ينفي الوجوب العيني عمّا يقع في الموسّع من المقدّمة قبل دخول وقته ، وهو ليس مرادا للقائل بجواز التقديم بل غرضه الوجوب التخييري بين الأفراد المتدرّجة من المقدّمة المتعدّدة بحسب تعدّد أجزاء الزمان ممّا قبل دخول الوقت إلى ما بعده.
ولا ريب أنّ محلّ الوجوب حينئذ هو القدر المشترك بين تلك الأفراد المتدرّجة المتعاقبة لقيام مصلحة الوجوب وهو إفضاء الترك إلى الترك به ، كما هو الحال في الأفراد المتدرّجة المتعاقبة الواقعة في الموسّع عند دخول وقته إلى أن يبقى منه ما لا يسع إلاّ أداء نفس الواجب ، بل وهو الحال فيما لو كانت الأفراد المتعدّدة من المقدّمة مجتمعة غير مرتّبة ولا متدرّجة كما في نصب السلّم للصعود على السطح إذا تعدّد أفراده وتمكّن المكلّف عن الإتيان بكلّ واحد شاء وأراد.
ولا ريب أنّ الواجب حينئذ ليس كلّ واحد بل القدر المشترك بينها لكونه الّذي يفضي تركه إلى الترك ، وقضيّة ذلك كون الوجوب تخييريّا.
وأمّا القول الخامس : فمستنده واضح ممّا قرّرناه في المقدّمات ، وإن كان الذاهب إليه لم يذكر مستندا.
ولكن يرد عليه : أنّ مناط الفرق بين قسمي الواجب إنّما هو بجعل الزمان قيدا للوجوب ، أو الواجب ، فعلى الأوّل يكون مشروطا وعلى الثاني معلّقا ، فيقال على الأوّل : « إذا زالت الشمس يجب الصلاة » وعلى الثاني « يجب الصلاة الواقعة بعد زوال الشمس » وهذان المعنيان كما ترى بحسب التعبير بينهما فرق واضح يدركه جميع الأذهان.
ولا ريب أنّ الاختلاف في التعبير لا يصلح موردا للحكم وإنّما العبرة بما حصل من الاختلاف في اللبّ والمعنى ، فلابدّ من ملاحظة اللبّ الّذي هو عبارة عمّا في ضمير المتكلّم ليستعلم كونه كالعبارة أمرين مختلفين حتّى يترتّب عليهما ما ذكر من الثمرة أو أمر واحد حتّى يبطل الثمرة ، ويكون الحكم إمّا جواز اتّصاف المقدّمة بالوجوب قبل دخول وقت ذيها مطلقا أو عدم جوازه كذلك ، فالّذي يترجّح في النظر ويشهد به الوجدان أنّ