وفي الثاني ترك الجميع أو كلّ واحد لا إلى بدل.
وبالضدّ الخاصّ في الأوّل ما يمنع كلّ واحد عن الإتيان بالمأمور به من الأفعال الوجوديّة قبل قيام غيره بالعمل.
وفي الثاني ما يضادّ من الأفعال الوجوديّة كلّ واحد من أفراد الواجب التخييري ، وأمّا لو كان فعل يضادّ البعض دون الآخر كالسفر بالقياس إلى خصال الكفّارة حيث يضادّ صيام شهرين متتابعين دون التحرير والإطعام فكونه من محلّ البحث نظر ، من حيث عدم تحقّق الضدّية فيه للواجب بما هو واجب التفاتا إلى عدم انحصاره في واحد معيّن.
ويمكن القول بتعلّق النهي به أيضا على القول بالاقتضاء تخييرا بينه وبين ما يضادّ البعض الآخر من الأفعال الوجوديّة خاصّة كالنوم الّذي يضادّ الإطعام والتحرير دون الصيام ، والكلام الّذي يضادّ التحرير دون الإطعام والصيام ، وإخراج المال عن الملك الّذي يضادّ الاطعام دون التحرير والصيام ، فكما أنّ الأمر بينها تخييريّ فكذلك النهي بين أضدادها.
ومن الفضلاء من أفرط بعد ما اختار اقتضاء الأمر للنهي عن الضدّ الخاصّ من باب المقدّمة ، فصرّح بكون كلّ واحد من آحاد الواجب المخيّر منهيّا عنه بالنهي التخييري من باب المقدّمة إذا تضادّت وتوقّف وجود كلّ واحد منها على عدم الآخر ، تعليلا بأنّ وجوب مقدّمة الواجب المطلق ليس مخصوصا بغير هذه المقدّمة.
ثمّ أورد على نفسه اشكالين :
أحدهما : أنّ قضيّة التخيير تساوي الآحاد في المطلوبيّة بمعنى أنّ مطلوبيّة كلّ واحد هي مطلوبيّة الآخر ، فلا يكون تركه مطلوبا له وإلاّ لساواه في المطلوبيّة على ما مرّ الإشارة إليه في بحث المقدّمة ، فيلزم تساوي فعله وتركه في المطلوبيّة فيرجع إلى الإباحة.
وثانيهما : أنّ طلب شيء لشيء يستدعي رجحانه له وهو يستدعي مرجوحيّة الفعل وهو ينافي رجحانه فضلا عن مساواته للآخر في الرجحان.
فأجاب أوّلا عنهما : بالنقض بما إذا كان الضدّ شرعيّا ، كما لو خيّر بين الجميع ومنع الجمع فإنّه لا ريب في مطلوبيّة كلّ واحد للتوصّل إلى الامتثال بفعل الآخر مجرّدا عن وصف الاجتماع ، فيتأتّى الإشكال فيه أيضا والفرق بينه وبين الضدّ العادي أو العقلي غير معقول كالفرق بين المقدّمات.
وثانيا عن الأوّل : بأنّ مطلوبيّة الترك للتوصّل إلى الفرد الآخر إنّما يقتضي مطلوبيّته