بالمقدّميّة على الأوّل.
ولنا : على ذلك وجوه :
أوّلها : أنّ وجود الضدّ مع عدم الآخر إنّما هو من باب مصادفة ما يكون مانعا على تقدير وجود المقتضي لانتفاء ذلك المقتضي ، فيكون عدم المقتضي مستندا إلى عدم ما يقتضي وجوده ، ووجود الضدّ الآخر معه مقارن له باعتبار مقارنته لعدم المقتضي فلا يكون مانعا ، لأنّ المانع ما يستند إليه العدم لا محالة.
وتوضيح ذلك : أنّ المنع على ما يساعده النظر الصحيح والوجدان الصريح عبارة عمّا لو كان هناك شيء له قابليّة واستعداد فيصادفه شيء آخر ويزاحمه في ترتّب الآثار المعدّة له عليه فالشيء الأوّل هو المقتضي والثاني المانع ، ومزاحمته لترتّب الآثار منع ، وإلى ذلك ينظر ما في كلام أهل اللغة من أنّ المنع خلاف الإعطاء ، فإنّ الإعطاء في مقابلة المنع إنّما يطلق فيما لو كان هناك حقّ فلا يدفعه إلى صاحبه فالمنع المقابل له حبس للحقّ فيقال : « أعطاني زيد حقّي » و « منعني عن حقّي » أو « منع عنّي حقّي ».
فبالجملة المنع لغة وعرفا لابدّ في صدقه من تحقّق ما له قابليّة التأثير والاستعداد القريب لترتّب الأثر عليه حتّى يصدق عنوان « المانعيّة » على ما يقتضي عدم فعليّة الترتّب ممّا يصادفه في الوجود ، وعليه ينطبق اصطلاح العلماء قاطبة في جميع موارده بالقياس إلى الموانع العقليّة والعاديّة والشرعيّة ، فلا يصدق عنوان « المانعيّة » عقلا ولا عادة ولا شرعا إلاّ على ما يتحقّق معه المقتضي التامّ.
ألا ترى أنّ القياس بطريق الشكل الأوّل في اقتضاء النتيجة عقلا يجتمع معه سبق الشبهة إلى الذهن ، ولكن صدق عنوان « المانعيّة » عليه بالقياس إلى النتيجة ينوط بكلّيّة كبرى القياس لأنّه مقتض على هذا التقدير ، وأمّا مع عدمها يكون وجوده بمنزلة عدمه من حيث إنّه لا ينشأ منه أثر حينئذ لاستناد عدم النتيجة إلى انتفاء المقتضي لكونه الجزء المتقدّم من جزئي العلّة ، وظاهر بالوجدان أنّ العلّة مع انتفاء جزئية معا يستند انتفاء المعلول إلى جزئها المتقدّم وهو وجود المقتضي ، ويكون انتفاء الجزء الآخر معه وهو فقد المانع كالحجر في جنب الإنسان.
وكذلك الخبر المتواتر في اقتضاء العلم بالصدق عادة ، ومثله النار في اقتضاء الاحتراق ، وصيغة البيع والصلاة في اقتضاء الصحّة شرعا ، فإنّ الأوّل مقتض لو بلغ عدد